يتوضأ منه للصلاة إذا كان لا يجد غيره، والماء لا يبلغ صاعا للجنابة، ولا مدا للوضوء، وهو متفرق فكيف يصنع وهو يتخوف أن يكون السباع قد شربت منه؟ فقال: إذا كانت يده نظيفة فليأخذ كفا من الماء بيد واحدة فلينضحه خلفه، وكفا أمامه، وكفا عن يمينه، وكفا عن شماله فإن خشي أن لا يكفيه غسل رأسه ثلاث مرات ثم مسح جلده بيده فان ذلك يجزيه، وإن كان الوضوء غسل وجهه ومسح يده على ذراعيه ورأسه ورجليه، وإن كان الماء متفرقا فقدر أن يجمعه وإلا اغتسل من هذا وهذا، فإن كان في مكان واحد وهو قليل لا يكفيه لغسله فلا عليه أن يغتسل ويرجع الماء فيه فإن ذلك يجزيه (1).
قلت: ما تضمنه هذا الخبر من نضح الا كف الأربع لا يخلو من التباس، وقد ذكره جمع من المتقدمين منهم الصدوقان بنحو ما في الخبر، واختلف الأصحاب في تفسيره فحكى المحقق فيه قولين: أحدهما أن المراد منه رش الأرض ليجتمع اجزاؤها فيمتنع سرعة انحدار ما ينفصل عن جسده إلى الماء. والثاني أن المراد بل جسده قبل الاغتسال ليتعجل قبل أن ينحدر ما ينفصل عنه ويعود إلى الماء. واختار الشهيد في الذكرى هذا القول، إلا أنه جعل الحكمة في ذلك الاكتفاء بترديده عن إكثار معاودة الماء، ورجح في البيان القول الأول، ويحكي عن ابن إدريس إنكاره مبالغا في ذلك ومحتجا بأن اشتداد الأرض برش الجهات المذكورة موجب لسرعة نزول ماء الغسل. ويرد على القول الثاني أن خشية العود إلى الماء مع تعجيل الاغتسال ربما كانت أقوى من حيث إن الاعجال مقتض لتلاحق الأجزاء المنفصلة عن البدن من الماء، وذلك أقرب إلى الجريان والعود ولا كذلك مع الابطاء لان تساقطها يكون على التدريج.
وما ذكره الشهيد من الحكمة يشعر بأن المحذور تقاطر ماء الغسل عن بعض الأعضاء المغسولة في الماء الذي يغتسل منه حال المعاودة وليس