لكونه مزيلا للعين، وهذا القدر من الخروج عن ظاهر اللفظ - لضرورة الجمع بينه وبين الخبر السابق، حيث صرح فيه بعدم الحاجة إلى المشي فضلا عن اعتبار مقدار معين منه - لا ريب في جوازه على أن في قوله " أو نحو ذلك " دلالة على ما قلناه.
ن: محمد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد، عن حريز، عن محمد بن مسلم، قال: كنت مع أبي جعفر عليه السلام إذ مر على عذرة يابسة فوطئ عليها فأصابت ثوبه، فقلت: جعلت فداك قد وطئت على عذرة فأصابت ثوبك، فقال: أليس هي يابسة؟ فقلت: بلى، فقال: لا بأس، إن الأرض تطهر بعضها بعضا (1).
قلت: لا يخفى أن قوله " إن الأرض - الخ " لا ينتظم مع نفي البأس إذ لا دخل للأرض في الحكم المسؤول عنه، فهو كلام مستقل أفاده الإمام عليه السلام لمحمد بن مسلم ولعله كان مفصولا عن الأول نطقا أو بواو الاستيناف فسقطت من سهو الناسخين.
ووجه المناسبة في إيراده مع الكلام الأول واضح وهو التنبيه على أن العذرة لو كانت رطبة لكان الامر بالنسبة إلى الوطي عليها سهلا أيضا لان الأثر الحاصل منها في النعل أو القدم يطهر بالأرض، وكان معنى " تطهر بعضها بعضا " أن النجاسة الحاصلة في أسفل القدم وما هو بمعناه من الوطي على الموضع النجس منها وعلوق شئ منه بأحدها كما هو الغالب يزول بالوطي على موضع آخر منها بحيث تذهب تلك الأجزاء التي علقت بالمحل فسمى إزالة الأثر الحاصل منها في المحل تطهيرا لها توسعا، كما يقال: الماء يطهر البول مثلا، وعلى هذا يختص الحكم المستفاد من هذه العبارة بالنجاسة الحاصلة من الأرض المنجسة ولا ضير فيه، إذ حكم غيرها يؤخذ من محل آخر. وقد رويت العبارة المذكورة من طريقين آخرين فيهما ضعف لكنها وقعت هناك