اسم على كل ما توجد فيه الإزالة وأحد لا يقول بذلك. وكذلك لفظ الابطال فإن بالنص لا تبطل الآية وكيف تكون حقيقة النسخ الابطال وقد أطلق الله تعالى ذلك في الاثبات بقوله تعالى: * (إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون) * فعرفنا أن الاسم شرعي عرفناه بقوله تعالى: * (ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها) * وأوجه ما قيل فيه إنه عبارة عن التبديل من قول القائل نسخت الرسوم: أي بدلت برسوم أخر. وقد استبعد هذا المعنى بعض من صنف في هذا الباب من مشايخنا وقال:
في إطلاق لفظ التبديل إشارة إلى أنه رفع الحكم المنسوخ وإقامة الناسخ مقامه، وفي ذلك إيهام البداء والله تعالى يتعالى عن ذلك. قال رضي الله عنه: وعندي أن هذا سهو منه وعبارة التبديل منصوص عليه في القرآن، قال تعالى: * (وإذا بدلنا آية مكان آية) * وإذا كان اسم النسخ شرعيا معلوما بالنص فجعله عبارة عما يكون معلوما بالنص أيضا يكون أولى الوجوه. ثم هو في حق الشارع بيان محض، فإن الله تعالى عالم بحقائق الأمور لا يعزب عنه مثقال ذرة، ثم إطلاق الامر بشئ يوهمنا بقاء ذلك على التأبيد من غير أن نقطع القول به في زمن من ينزل عليه الوحي، فكان النسخ بيانا لمدة الحكم المنسوخ في حق الشارع وتبديلا لذلك الحكم بحكم آخر في حقنا على ما كان معلوما عندنا لو لم ينزل الناسخ، بمنزلة القتل فإنه انتهاء الاجل في حق من هو عالم بعواقب الأمور. لان المقتول ميت بأجله بلا شبهة، ولكن في حق القاتل جعل فعله جناية على معنى أنه يعتبر في حقه حتى يستوجب به القصاص وإن كان ذلك موتا بالأجل المنصوص عليه في قوله تعالى: * (فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون) * ومن فهم معنى التبديل بهذه الصفة عرف أنه ليس فيه من إيهام البداء شئ.
ثم المذهب عند المسلمين أن النسخ جائز في الأمر والنهي الذي يجوز أن يكون ثابتا ويجوز أن لا يكون على ما نبينه في فصل محل النسخ، وعلى قول اليهود النسخ لا يجوز أصلا. وهم في ذلك فريقان: فريق منهم يأبى النسخ عقلا، وفريق يأبى جوازه سمعا وتوقيفا. وقد قال بعض من لا يعتد بقوله من المسلمين إنه لا يجوز النسخ أيضا، وربما قالوا لم يرد النسخ في شئ أصلا. ولا وجه للقول الأول إذا كان القائل ممن يعتقد الاسلام، فإن شريعة محمد (ص) ناسخة لما قبلها