وكذلك سائر الحدود متى استعملنا القياس في إثباتها، فإنما يقع القول فيها على هذا الحد، فيكون الحد حينئذ موجبا بالآية، ونستدل بالقياس على أنه ليس هو من القبيل الذي (لم) يرو بها.
فإن قال قائل: قد أوجبتم الكفارة على الآكل في رمضان قياسا على المجامع. والأثر إنما ورد في المجامع.
قيل له: ليس هذا كما ظننت، لأنه قد ورد في إيجاب الكفارة لفظ يقتضي ظاهره وجوبها على كل مفطر، وهو ما روي (أن رجلا قال: يا رسول الله، أفطرت في رمضان، فأمره بالكفارة) ولم يسأله عن جهة الافطار، وظاهره يقتضي وجوبها على كل مفطر.
وأيضا: فلو لم يرد فيه غير ما روي في المجامع، لما كان إيجابنا الكفارة على الاكل (من) جهة القياس، وذلك لان الفقهاء متفقون على أن وجوب هذه الكفارة غير مقصور على الجماع، لان مالك بن أنس يوجبها على كل مفطر غير معذور، والشافعي يوجبها بالايلاج في أحد السبيلين، وفي البهيمة أيضا. والخبر لم يرد إلا في جماع المرأة في الفرج، ونوجبها نحن على كل من كان مأثمه بالافطار فيه مثل مأثم المجامع.
فلما اتفق الجميع على أن هناك معنى غير ما ورد الأثر به، تعلق وجوب الكفارة، واحتجنا إلى طلب المعنى عند وقوع الخلاف، ثم استدللنا على أن ذلك المعنى هو إفساد صوم رمضان بضرب من المأثم، وهو أن يكون مأثمه مثل مأثم المجامع، وكانت هذه الكفارة مستحقة عليه على جهة العقوبة، لما اجترمه من المأثم، ثم وجدنا مأثم الاكل مثل مأثم المجامع، وأكثر الدلائل قد دلت عليه، أو جنبا عليه فيه الكفارة، وهذا استدلال على