الجنابة لا توجب نجاسته، وإن كان ممنوعا من أجلها من الصلاة، وأظهر التعجب منه، بقوله: سبحان الله، يعني كيف ذهب عليك هذا الاعتبار.
فإن قال قائل: هذا الذي ذكرت من الاعتبار من الكتاب والسنة، إنما يدل على جواز الاجتهاد في المواضع الذي ورد فيها، فما الدليل على جوازه في غيرها، وما أنكرت أن يكون جوازه مقصورا على هذه المواضع، إذ يمتنع في حجة العقل، أن يبيح الله تعالى الاجتهاد فيما نص عليه في كتابه، وبينه على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم، ويحظره فيما عدا المنصوص على موضعه، فيحتاج إلى إقامة الدلالة على جوازه في الموضع المتنازع فيه بيننا من أحكام الحوادث.
قيل له: كثير من الآي التي قدمنا ذكرها قد تضمن الامر بالاجتهاد مطلقا، مقيد بحال ولا شرط.
منها قوله تعالى: " وشاورهم في الامر " وذلك عموم في سائر الأمور، لأنه أدخل الألف واللام، فصار للجنس، وما خوطب به النبي صلى الله عليه وسلم، فنحن مخاطبون به، إلا أن تقوم الدلالة على تخصيصه بشئ دوننا.
ومنه قوله تعالى: " فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول " وقد بينا (أن) المراد به الرد إلى كتاب الله تعالى، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم (نصا) ودليلا، (وذلك) مطلق عام في سائر الأشياء.
ومنه قوله تعالى: " ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم " وهو عموم في جميع ما كان بالوصف المذكور في الآية.
ومنه قوله تعالى: " فاعتبروا يا أولي الأبصار " وهو عام في ساير الأشياء.