فكون (1) ملاك الحكم هو بعينه ملاك جعل الحكم الواقعي من ايصال المكلفين إلى المصالح النفس الأمرية وزجرهم عن المفاسد الواقعية بعد عدم إمكان الوصول إلى الاحكام الواقعية.
إن قلت: هذا إذا كان الواقع ذا حكم وكان الحكم مصادفا له، وأما في صورة عدم الحكم أو عدم المصادفة فلا ملاك للحكم الظاهري.
قلت: يكفي ملاكا للحكم الظاهري ملاكات الاحكام الواقعية بحسب نوعها ولو لم يكن في بعض الموارد حكم أصلا، والله العالم.
وأما إشكال لزوم تفويت المصلحة أو الالقاء في المفسدة فمندفع بعدم كون جعل الشارع سببا لذلك، بل نفس جهل المكلف بالواقع صار سببا لفوت المصلحة والوقوع في المفسدة (2). هذا كله بناء على الطريقية.
(وأما بناء على السببية) - فبعد بطلان التصويب إن كان على أحد النحوين المذكورين في الطريقية - نقول: قد نقل عن الشيخ الأنصاري تغمده الله بغفرانه أنه يمكن أن يقال: إن المصلحة تكون في الامر بسلوك الامارة.
وفيه: أنه لا يعقل ذلك لان الامر عبارة عن إرادة انبعاث العبد نحو الفعل المطلوب، فلو لم يكن لنفس المؤدى مصلحة فلا يتحقق الامر، بل هو مندك في المراد بحيث لا يرى إلا المراد، فإن الإرادة ليست شيئا مستقلا وراء المراد، بها تقوم المصلحة والمفسدة، بل لا تكون بنفسها منشأ للآثار (3).