وبعبارة أخرى: المقصود من الامر الأول إيجاد شئ ينطبق عليه عنوان المأمور به، ومفاد الثاني أنه منزل منزلته في ذلك الأثر، أعنى انطباقه على عنوان المأمور به الواقعي لا أنه شئ آخر غير متعلق الامر الأول.
إن قلت: هب أن مقتضى ظواهر أدلة الاحكام الظاهرية هو الاجزاء، إلا أنه على تقدير كشف الخلاف فإما أن ينطبق عنوان المأمور به الواقعي عليه أو لا، وعلى الثاني يلزم الخلف، فإن المفروض انطباقه قبل كشف الخلاف، وعلى الأول - أعني انطباق عنوان المأمور به - يشكل بأن الاختلاف في المرتبة مانع عن الانطباق لكون الواقع لا يتغير عما هو عليه بالشك والجهل.
قلت: بعدما سلمتم كون مقتضى الأدلة هو الاجزاء فلا بد من ملاحظة ترجيح أحد الظهورين على الاخر، أعني ظهور دليل الحكم الظاهري، ونحن ندعي ترجيح الثاني على الأول، بل تعينه، وإلا يلزم لغوية الجعل في صورة الشك.
إن قلت: يكفي في عدم اللغوية كونه محكوما بإتيان الصلاة ما لم يكشف الخلاف، بل يمكن أن يقال: إن ذلك يستفاد من نفس أدلة الاحكام الظاهرية حيث إنها مغياة بعدم كشف الخلاف.
والحاصل: أن قوله عليه السلام: (كل شئ نظيف حتى تعلم أنه قذر) (1) مثلا يدل بغايته أن هذا الحكم ممتد إلى زمان العلم لا مطلقا.
قلت: (أولا) الغاية مسوقة لبيان عدم العلم والشك فيه لا لبيان عدم وجود حكم المغيى بعد كشف الخلاف.
(وثانيا) العلم بالقذارة مثلا بعد الشك فيها يكشف عن عدم الموضوع، لا عن عدم ترتب الأثر، أعني انطباق عنوان المأمور به، فإن المفروض انطباقه قبل العلم، فكشف الخلاف لا يوجب رفع ذلك الأثر.
فتحصل من جميع ذلك: أن مقتضى القواعد الاجزاء إلا ان يدل دليل على