بمقدار تقتضي طبيعة هذا الحكم، والمشقة اللازمة من إتيان نفس الطبيعة لا تعارض المصلحة الثابتة في متعلقها بخلاف المشقة اللازمة من إتيان نفس الطبيعة وغيرها مقدمة لها، فإنه يمكن معارضة المشقة الزائدة مع المصلحة التي فيها فيرفع اليد عن تلك المصلحة للزوم هذه المشقة الزائدة.
وبالجملة، المستفاد من أدلة الاحكام الظاهرية أن الشارع لا يرضى بتحمل المشقة زائدة على المشقة التي اقتضاها الحكم الأولي.
والحاصل: أن مقتضى ظواهر الأدلة عدم اشتراطه بالشرائط والاجزاء الواقعية للشاك، فيرجع الكلام إلى أن العلم بالنجاسة مضر لا أن العلم بعدمها شرط.
إن قلت: فما معنى جعل الحكمين وتنزيل المشكوك منزلة المعلوم، بل يكفي أن يقول: يشترط في الصلاة عدم العلم بالنجاسة مثلا.
قلت: حيث إن الكلام في إمكان جعل الحكمين يكفينا أن نقول - وإن لم يكن عليه دليل شرعي ولا برهان عقلي - بأنه يمكن أن يقال: إن الوصول إلى المثوبات الأخروية والمنافع الدنيوية بإتيان متعلقات الاحكام، ليست مترتبة على وجودها الخارجي فقط من دون دخل شئ في ترتبها.
فيمكن أن تكون مترتبة على تحقق عنوان الإطاعة في ضمنها، فلا بد من أمور تتعلق بالافعال بعد ملاحظة المرجحات، فيمكن أن تكون الصلاة مع الطهارة الواقعية ذات مصلحة في صورة التمكن من العلم بها، فيأمر المولى بتلك الصلاة، فإتيانها حينئذ مستند إلى أمر المولى، فيتحقق عنوان الإطاعة، وفي صورة الشك يمكن أن لا تكون كذلك ذات مصلحة لمزاحمتها بلزوم المشقة الزائدة على إتيان أصل الطبيعة فيأذن إتيانها بدون تحصيل ذلك الشرط، فيأتي بها مع البناء على الطهارة المستندة إلى إذن الشارع، فيتحقق عنوان الإطاعة أيضا.
وبالجملة، ترتب المثوبات الأخروية والآثار الدنيوية متوقف على تحقق