فيظهر من هذه الكلمات الشريفة أن العلم علة تامة بالنسبة إلى المخالفة ومقتض بالنسبة إلى المخالفة الاحتمالية.
ويظهر من الكفاية أنه مقتض بالنسبة إلى كليهما.
وينسب إلى المحقق الخوانساري والمحقق القمي تعالى أنه ليس بمقتض بالنسبة إلى واحد منهما أصلا فضلا عن كونه علة لهما.
وسيظهر إن شاء الله تعالى ما في النسبة، وأنه قد اشتبه مرادهما رحمهما الله.
ويظهر من الشيخ رحمه الله أيضا في الرسالة أن هنا قولين آخرين فيما إذا كان المعلوم بالاجمال مرددا بين خطابين: أحدهما التفصيل بين الشبهة الموضوعية والحكمية، ثانيهما التفصيل بين كون الحكم المشتبه في موضوعين واحدا بالنوع كوجوب أحد الشيئين وبين اختلافه كوجوب الشئ وحرمة آخر.
والتحقيق في المقام أن يقال: إن الكلام يقع في مقامين: (أحدهما) في أن المردد بين الامرين أو الأمور إذا ثبت بالعلم. (الثاني) أنه قد ثبت بالحجة الأخرى غير العلم.
فإن ثبت بالعلم فلا مناص من أن يقال كونه علة تامة لحرمة المخالفة القطعية ووجوب الموافقة القطعية كليهما. بل لا يتصور التفكيك بينهما عقلا.
ويتضح ذلك ببيان أمور: (الأول) أن معنى العلم الاجمالي هو كون ما هو المعلوم من الأطراف متعلقا للزجر الأكيد من المولى بالنسبة إلى متعلقه فعلا، فترخيصه بالنسبة إليهما أو إلى أحدهما تناقض، منه.
أما الأول فواضح، وأما الثاني فعلى تقدير مصادفة المرخص فيه مع المحرم الواقعي مثلا.
(الثاني) قد مر أن الحكم عبارة عن إرادة انبعاث العبد أو انزجاره، وهو لا يمكن أن يكون داعيا للعبد ما لم يصل إلى مرتبة العلم، فإذا وصل إلى هذه المرتبة لا يمكن عدم داعويته، فإن جعل الحكم موقوف على جهل المخاطب به والمفروض كونه عالما.