وجود الحكم بنفس ايجاده.
وأما إذا حكى بهذا الكلام عن حكم واقعي ثابت في نفس الامر - سواء كانت حكايته بالكلام الانشائي أو الاخباري - فقد نقل أنه لا كلام أيضا في انتفاء شخص الحكم.
وإنما الكلام في انتفاء سنخه ونوعه، من أنه هل ينتفى بانتفاء قيده أم لا؟
وعلى الثاني فهل المراد بقاء وجوده أو ماهيته؟ وعلى الثاني يمكن أن يستشكل أن المتكلم كيف يوجد الماهية بما هي كي تبقى عند انتفاء قيدها؟ بل الماهية من حيث هي لا إطلاق فيها ولا تقييد، فإنها ليست إلا هي.
مع أنه كيف يعقل كون الوجود علة للماهية وقد قرر في موضعه أن الوجود لا يكون علة إلا للوجود (1) فإنه متأخر عنها طبعا، والمتأخر بما هو متأخر لا يمكن أن يكون علة للمتقدم كما هو ظاهر.
وكيف كان، فقد علل لانتفاء شخص الحكم بانتفاء قيده بوجهين: (أحدهما) ما نسب إلى بعض مقرري بحث الشيخ الأنصاري رحمه الله من عدم دلالة الكلام على الحكم بعد انتفاء القيد، بل الحكم ينتفى بمجرد انتهاء الكلام. (ثانيهما) ما عن الكفاية من أن الانتفاء عند انتفاء موضوعه ولو ببعض قيوده.
ويرد على الأول أن لازم هذا الكلام كون الحكم تابعا حدوثا وبقاء للكلام، وليس كذلك، بل هو أمر واقعي يكشف عنه بهذا الكلام، فوجوده ثابت قار غير تابع لوجود الكلام، ولذا يرى المخاطب نفسه مكلفا بهذا الفعل حتى بعد تمام الكلام.
ويرد على الثاني أنه غير مناسب لما اختاره في المفهوم تبعا لجماعة من المتأخرين من كون الشرط علة للحكم، فإنه حينئذ ليس جزء للموضوع، لان كون شئ جزء لشئ يقتضي معيتهما وجودا، وكونه علة له يقتضي تقدمه على المعلول، فلا تجتمع الجزئية مع العلية تصورا.