كان منشأها انس الذهن بأحد المعاني المجازية، لا كونه أكثر أفرادا، وهو إنما يحصل بكثرة الاستعمال.
وقد أجاب في الكفاية أيضا عن أصل الدليل بأن الاستعمال وإن كان قد وقع في تمام الافراد لكن الإرادة الجدية لم تكن إلا بالنسبة إلى الافراد الباقية. غاية الامر (1) أن فائدة هذا الاستعمال تظهر في الموارد المشكوكة حيث يجوز له الاحتجاج فيها.
ويرد عليه أن الاحتجاج يصح إذا كانت الافراد مرادة بالدلالة التصديقية التي في المرتبة الثالثة من الأصول الثلاثة العقلائية، فإذا انكشف بالقرينة أنه لم يرد تمام الافراد جدا فكيف يجوز الاحتجاج فيها؟
والتحقيق أن يقال: إن استعمال اللفظ في المعنى على وجهين: (أحدهما) أنه يستعمل في الموضوع له ويراد ذلك المستعمل فيه. (والثاني) يستعمل في المعنى الموضوع له ويراد به معنى يناسب الموضوع له بعلاقة، فاللفظ دائما يستعمل في الموضوع له، غاية الامر تسمية هذا الاستعمال حقيقة موقوفة على إرادة هذا الموضوع له جدا، وأما إذا جعل ذلك الموضوع آلة لملاحظة معنى آخر ومعبرا له يسمى مجازا.
ولعل تسمية ذلك مجازا من هذا الوجه لان المجاز مشتق من (جاز) إذا عبر، كأن المخاطب يعبر عن الموضوع له إلى غيره (2).
واعلم أن المخاطب في العموم والخصوص نظير الكلام في الحقيقة والمجاز، فإذا