عدم التلازم بينهما، على ما فصلنا الكلام فيه في مباحث المياه من الفقه.
وفى مثل ذلك لا مجال لدعوى تقييد موضوع حكم العام بصورة وجود ذلك الشئ، إذ لا معنى للتقييد به مع الحكم بوجوده تبعا لعموم الحكم الملزوم له، بل يكون مقتضى عمومه ثبوته في تمام أفراده، حتى أنه لو فرض عدم ثبوته في فرد كان منافيا للعموم المذكور وكاشفا عن تخصيص موضوع حكم العام بالإضافة إلى ذلك الفرد بخصوصيته.
ومثل ذلك ما لو كان المستفاد من العام بنفسه أو بقرائن خارجية - أنه وارد لتحديد مفهوم ذلك الامر المعتبر في الحكم أو مصداقه أو بيان مورده، وأن ما تضمنه من جعل الحكم مترتب على ذلك ومتفرع عليه.
فالأول: مثل ما لو دل الدليل على جريان حكم التوارث بالشهادتين، ودل آخر على اعتبار الاسلام فيه، حيث يفهم من الأول أن مفاد الشهادتين مطابق لمفهوم الاسلام، وأن الدليل الأول شارح لموضوع الثاني.
والثاني: ما دل على ترك المرأة الصلاة إذا رأت الدم ثلاثة أيام مع ما دل على اعتبار الحيض في جواز ترك الصلاة، حيث يفهم من الأول تحديد مصاديق الحيض، وأنها تتحقق بالدم المذكور.
والثالث: مثل ما لو دل الدليل على الامر بلعن بنى أمية قاطبة مع ما دل على حرمة لعن المؤمن، حيث يستفاد من الأول أنهم مستحقون للعن، لأنهم غير مؤمنين.
وفى جميع ذلك لا ينبغي التأمل في عدم التنافي بين الدليلين، ليكون أحدهما مخصصا للاخر، بل يكون العام واردا على الاخر ومنقحا لموضوعه.
ولو فرض ثبوت عدم تحقق ذلك الامر - المعتبر في الحكم - في بعض أفراد العام المستلزم لعدم ترتب حكمه - كما لو ثبت كفر منكر الضروري، وان شهد الشهادتين، وعدم حيضية الدم المستمر ثلاثة أيام إذا لم يفصل بينه وبين