ومن ثم كان البحث في تلك المسألة اثباتيا موضوعه ظهور الامر، وهنا ثبوتيا موضوعه فعل المأمور به، وكانت تلك المسألة من مسائل الظهورات اللفظية، أما هذه المسألة فهي على بعض وجوهها عقلية، وعلى بعضها الاخر تبتنى على مقتضى الظهور أو الأصل.
وبلحاظ الأول حررناها في مباحث الملازمات العقلية تغليبا.
ولا ينبغي إطالة الكلام هنا في تفصيل ذلك بعد ظهوره عند الدخول في المسألة، ولا في وجه التغليب المذكور، بعد خلوه عن الفائدة، وكونه أشبه بتوجيه الاصطلاح، إذ المهم نفس البحث، لا موضعه وبابه.
وقد تعرضوا في تمهيد المسألة لبعض الأمور الأخرى مما يرجع لتحديد محل النزاع رأينا الاعراض عنها أحرى، لظهور حالها، فالبحث فيها أشبه بالبحث اللفظي.
إذا عرفت هذا، فلا ينبغي التأمل في أن موافقة الامر بالنحو الذي يدعو إليه تقتضي الاجزاء، بمعنى امتثاله وسقوط داعويته، لان الامر لا يدعو الا إلى موافقته بتحقيق المأمور به، فمع موافقته لا يبقى موضوع للداعوية، وذلك عبارة أخرى عن عدم لزوم الإعادة، التي هي عبارة أخرى عن تكرار الامتثال بتحقيق المأمور به التام في الوقت، فضلا عن القضاء الذي هو عبار ة عن تدارك فوت المأمور به في وقته بالاتيان به خارج الوقت محافظة على أصل الواجب دون خصوصية الوقت.
إذ لا فوت مع موافقته ليتحقق موضوع القضاء. من دون فرق بين كون القضاء بالامر الأول وكونه بأمر جديد، إذ على كلا المبنين لابد فيه من الفوت.
ومنه يظهر أن التعبير بسقوط الإعادة والقضاء لا يخلو عن تسامح، إذ السقوط فرع المقتضى للثبوت.
ووضح ما ذكرنا يغنى عن إطالة الكلام فيه، وان حكى عن بعضهم