تماميته.
الرابعة: كون المتكلم في مقام البيان. من الظاهر أن الغرض من الكلام هو البيان والإفادة للمقاصد، وعدم كون المتكلم في مقام البيان أصلا اما أن يكون لخروجه عن مقتضى طبيعة الكلام، الذي هو خلاف الأصل فيه، أو لغفلته عن صدور الكلام منه، التي يدفعها أصالة عدم الغفلة، المعول عليها في جميع تصرفات الانسان وأفعاله. ومن هنا كان بناء العقلاء على كاشفية الكلام عن مقاصد المتكلم وأغراضه.
الا أن ذلك بمجرده لا ينفع في محل الكلام، لوضوح أنه انما يقتضى كونه بصدد إفادته لمؤداه الذي يصلح لبيانه ويكون قالبا له، دون غيره مما يخالفه أو يزيد عليه، وحيث فرض في محل الكلام أن مفاد المطلق وضعا ليس الا القضية المهملة فاستفادة العموم منها يحتاج إلى مزيد عناية، ولا يكفي فيها احراز كون المتكلم في مقام البيان بالوجه المتقدم.
ومنه يظهر ضعف ما ذكره بعض المعاصرين رحمة الله في أصوله في تقريب أصالة كون المتكلم في مقام البيان بالنحو الذي ينفع في التمسك بالاطلاق ورفع احتمال كون القضية مهملة، قال: (ولو شك في أن المتكلم في مقام البيان أو الاهمال فان الأصل العقلائي يقتضى بأن يكون في مقام البيان، فان العقلاء كما يحملون المتكلم على أنه ملتفت غير غافل، وجاد غير هازل، عند الشك في ذلك، كذلك يحملونه على أنه في مقام البيان والتفهيم، لا في مقام الاهمال والايهام).
إذ فيه: أن الاهمال إذا لم يكن منافيا لمفاد الكلام، بل الكلام صالح له بمقتضى وضعه وطبعه، فلا وجه لجعله في سياق الايهام الذي هو خلاف طبع الكلام بالتقريب المتقدم. الا أن يريد بالاهمال ما يساوق الايهام، لا مفاد القضية المهملة. لكن نفيه لا يستلزم إرادة العموم بوجه.