المبحث الأول في الملازمة بين وجوب الشئ ووجوب مقدمته قد اختلفت كلماتهم في تحرير مورد النزاع في المقام، فحرر في كلام جماعة من المتأخرين بالوجه الذي ذكرناه، وهو البحث في الملازمة بين الوجوبين، وبذلك لا تكون المسألة فرعية فقهية، لعدم البحث فيها عن نفس الحكم الشرعي، بل أصولية لوقوعها في طريق استنباط الحكم المذكور في الموارد المتفرقة التي يفرض فيها وجوب شئ ماله مقدمة.
وأما القدماء، فقد حررها جملة منهم بعنوان البحث في وجوب مقدمة الواجب. وذلك قد يوهم كونها فرعية، للبحث فيها عن نفس الحكم الشرعي الفرعي، وهو وجوب المقدمة. وقد منع جماعة من ذلك، لوجوه لا تخلو عن اشكال أو كلام لا يسع المقام استقصاءه.
ولعل الأولى في تقريب عدم كونها فرعية أن يقال: وحدة المسألة الفرعية موقوفة على وحدة الحكم الفرعي الذي يبحث عنه فيها، ووحدة الحكم تابعة لوحدة الموضوع بعنوانه الذي اخذ فيه عند جعل الحكم، ومن الظاهر أنه لا حكم للشارع بوجوب المقدمة بما هي مقدمة، لان العنوان المذكورة تعليلي لا تقييدي، لعدم تضمن الأدلة الشرعية له، وانما استفيد الحكم - على تقدير ثبوت وجوب المقدمة - من حكم العقل، والعقل لا يرى لهذا العنوان دخلا في الحكم بنفسه، بل تمام الموضوع ذات المقدمة على اختلاف مواردها، لان الواجب يتوقف عليها بذواتها وخصوصياتها، لا بالعنوان المذكور، فموضوع الحكم الشرعي هو مصاديق المقدمة المختلفة بخصوصياتها، ولازم ذلك تعدد الأحكام الشرعية بعددها.