المقام الثاني في المعاملات ولا اشكال ظاهرا عند جماعة من محققي المتأخرين في عدم اقتضاء النهى فيها الفساد لو كان راجعا لحرمة المعاملة من حيث هي وبعنوانها، كما في حرمة البيع وقت النداء لصلاة الجمعة، فلا يمنع من ترتب أثرها عليها، إذ ليس نسبتها إلى أثرها الا نسبة الموضوع لحكمه، لوضوح أن سببيتها لأثرها منتزعة من حكم الشارع بنفوذ مضمونها، ومن الظاهر عدم منافاة حرمة الموضوع لترتب حكمه عليه، كما في تحريم كثير من الأسباب الشرعية، كأسباب الضمان والقصاص والكفارات وغيرها.
وأظهر من ذلك ما لو كان راجعا لحرمة المعاملة لجهة خارجة عنها غير المسبب كما لو حرم ايقاع العقد الكلامي لاضرار الكلام بالعاقد، أو لحرمة كلام أحد المعاقدين مع الاخر، لجهة تخصهما.
وأما لو كان راجعا لحرمة الأثر، بحيث لا تكون المفسدة قائمة بالمعاملة لذاتها أو لجهة خارجة عنها، بل بلحاظ أثرها وترتب مضمونها عليها شرعا، وحرمة المعاملة انما هي لكونها الفعل الاختياري للمكلف المستتبع لترتب أثره شرعا مع عدم قدرته على الأثر مباشرة، نظير تنجيس المسجد الذي يحرم بلحاظ ترتب النجاسة عليه. ومثاله في المقام ما لو فرض حرمة بيع المصحف أو المسلم من الكافر، لقيام المفسدة بتملك الكافر لهما. فقد يدعى منافاة التحريم للصحة واستلزامه الفساد لوجهين..