الأول حجة في الوقائع السابقة، ليحرز به مطابقه العمل فيها للامر الواقعي، لا على مجرد عدم حجية التعبد الثاني فيها، كي لا يحرز به مخالفة العمل للامر الواقعي، الا فيما إذا كانت الشبهة حكمية وكان الشك في أصل التكليف أو في جزء المكلف به أو شرطه مع عدم لزوم مخالفة علم اجمالي منجز، فيكفي في الاجزاء مجرد عدم حجية التعبد الثاني في الوقائع السابقة وان لم يثبت بقاء حجية التعبد الأول فيها، لاجمال دليله.
إذا عرف هذا، فاعلم أنه لم يتضح منهم الخلاف في أصالة عدم الاجزاء مع تبدل مقتضى التعبد الا في اختلاف مقتضى الاجتهاد، حيث يظهر من جملة منهم أن الأصل فيه الاجزاء وعدم وجوب تدارك ما وقع من الأعمال على طبق الاجتهاد الأول.
وقد استدل له في كلامهم بوجوه..
أولها: ما ذكره في الفصول من أن الواقعة الواحدة لا تحتمل اجتهادين، ولو بحسب زمانين، لعدم الدليل على ذلك.
ومرجعه إلى أنه بعد فرض سبق حجية الاجتهاد الأول في الوقائع السابقة، لا دليل على حجية الاجتهاد الثاني فيها بعد حدوثه، ليجب العمل على مقتضاه بالبناء على عدم الاجزاء.
وفيه.. أولا: أنه ظهر مما تقدم أن مجرد عدم الدليل على حجية الاجتهاد الثاني في الوقائع السابقة لا يكفي في الاجزاء في كثير من الموارد، بل لابد فيه من بقاء الاجتهاد الأول على الحجية في تلك الوقائع، وهو محتاج إلى الدليل.
وثانيا: أن حجية الاجتهاد الثاني في الوقائع السابقة مقتضى عموم أدلة حجية الأدلة التي ابتنى عليها، لعدم الفرق في حجية الظواهر وخبر الواحد والأصول وغيرها بين الوقائع.
ومجرد العمل على خلافها في بعضها اعتمادا على حجة أخرى قد ظهر