فلاحتياجه إلى ملاحظة العدل، وتعليق التكليف بالجامع بينه وبين الطرف الآخر.
وأما في مقام الاثبات فلاحتياجه إلى ذكر العدل وبيانه فما لم تقم الحجة على المؤنة الزائدة يحكم بعدمها، فيثبت الوجوب التعييني.
وفيه (أولا) - أنا لا نسلم ان الوجوب التخييري بحسب مقام الثبوت يحتاج إلى مؤنة زائدة بنحو الاطلاق، أي سواء كان التخيير المحتمل تخييرا عقليا أو تخييرا شرعيا، فان التخيير العقلي يحتاج إلى لحاظ الجامع فقط، كما أن الوجوب التعييني يحتاج إلى لحاظ الواجب الخاص فقط، فليس هناك مؤنة زائدة في الوجوب التخييري. نعم فيما كان التخيير المحتمل تخييرا شرعيا يحتاج إلى مؤنة زائدة، لأن الجامع في التخيير الشرعي هو عنوان أحد الشيئين كما كما تقدم. و من الواضح ان لحاظ أحد الشيئين يحتاج إلى لحاظ نفس الشيئين فيكون الوجوب التخييري محتاجا إلى مؤنة زائدة بالنسبة إلى الوجوب التعييني.
و (ثانيا) - ان مرجع ما ذكره إلى استصحاب عدم لحاظ العدل.
واثبات الوجوب التعييني به متوقف على القول بالأصل المثبت ولا نقول به، مضافا إلى كونه معارضا باستصحاب عدم لحاظ الطرف الآخر بالخصوص، على ما سيجئ التعرض له في الجواب عن الوجه الرابع إن شاء الله تعالى. هذا كله فيما ذكره بحسب مقام الثبوت.
وأما ما ذكره من أن الوجوب التخييري يحتاج إلى مؤنة زائدة في مقام الاثبات، فهو إنما يتم فيما إذا دل دليل لفظي على وجوب شئ، من دون ذكر عدل له فيتمسك باطلاقه لاثبات كون الوجوب تعيينيا. وأما فيما إذا لم يكن هناك دليل لفظي كما هو المفروض في المقام، إذ محل كلامنا عدم وجود دليل لفظي والبحث عن مقتضى الأصول العملية، أشرنا إلى ذلك في أول بحث دوران الأمر بين التعيين والتخيير، فلا يترتب عليه الحكم بالوجوب لتعييني في المقام