أما صاحب الكفاية فقد تقدم وجه اشكاله والجواب عنه، فلا نحتاج إلى الإعادة. وأما المحقق النائيني (ره) فذكر ان الجنس لا تحصل له في الخارج الا في ضمن الفصل، فلا يعقل تعلق التكليف به، إلا مع أخده متميزا بفصل فيدور امر الجنس المتعلق للتكليف بين كونه متميزا بفصل معين أو بفصل ما من فصوله. وعليه فيكون المقام من موارد دوران الأمر بين التعيين والتخيير، لا من دوران الامر بين الأقل والأكثر، لأنه لا معنى للقول بأن تعلق التكليف بالجنس متيقن، إنما الشك في تقيده بفصل، بل نقول تقيده بالفصل متيقن إنما الشك والترديد في تقيده بفصل معين أو فصل من فصوله، لما ذكرناه من عدم معقولية كون الجنس متعلقا للتكليف إلا مع اخذه متميزا بفصل، فيدور الامر بين التخيير والتعيين. والعقل يحكم بالتعيين، فلا مجال للرجوع إلى البراءة عن كلفة التعيين.
ثم إنه (ره) قسم دوران الامر بين التخيير والتعيين إلي اقسام ثلاثة، واختار في جميعها الحكم بالتعيين. وحيث إن التعرض لذكر الأقسام وما لها من الاحكام مما تترتب عليه فوائد كثيرة في استنباط الأحكام الشرعية، فنحن نتبعه في ذكر الأقسام ونتكلم في أحكامها حسب ما يساعده النظر فنقول:
(القسم الأول) - ما إذا دار الامر بين التخيير والتعيين في مرحلة الجعل في الاحكام الواقعية، كما إذا شككنا في أن صلاة الجمعة في عصر الغيبة هل هي واجب تعييني أو تخييري؟
(القسم الثاني) - ما إذا دار الامر بين التخيير والتعيين في مرحلة الجعل في الاحكام الظاهرية، ومقام الحجية، كما إذا شككنا في أن تقليد الا علم واجب تعييني على العامي العاجز عن الاحتياط، أو هو مخير بين تقليده وتقليد غير الأعلم؟