نسيانه إلا أنه ملتفت إلى أن ما يأتي به هو المأمور به، فيأتي به بما أنه المأمور به غاية الأمر أنه يتخيل أن ما يأتي به مماثل لما يأتي به غيره من الذاكرين. وان الأمر المتوجه إليه هو الأمر المتوجه إليهم. وهذا التخيل مما لا يضر بصحة العمل بعد وجود الأمر الفعلي في حقه ومطابقة المأتي به للمأمور به، وإن لم يكن الناسي ملتفتا إلى كيفية الأمر. ولعل هذا هو مراد الشيخ (ره) فيما أفاده في المقام من إمكان توجيه الخطاب إلى الناسي والحكم بصحة عمله، وان كان مخطئا في التطبيق، فلا يرد عليه ما ذكره المحقق النائيني (ره) من أن الخطأ في التطبيق إنما يعقل فيما إذا أمكن جعل كل من الحكمين في نفسه، وكان الواقع أحدهما.
وتخيل المكلف انه الآخر، كما إذا أتى المكلف بعمل باعتقاد أنه واجب، فبان كونه مستحبا أو بالعكس. وهذا بخلاف المقام. لأن تكليف الناسي مستحيل في مقام الثبوت، فكيف يمكن ادراجه في كبرى الخطأ في التطبيق. فتحصل أن الصحيح إمكان توجيه التكليف إلى الناسي في مقام الثبوت وإثباته يحتاج إلى الدليل.
إذا عرفت ذلك فلنرجع إلى أصل البحث ونقول: إن الكلام (تارة) يكون فيما تقتضيه الأصول اللفظية و (أخرى) فيما تقتضيه الأصول العلمية، فيقع الكلام في مقامين: (اما المقام الأول) فملخص الكلام فيه أن دليل الجزئية أو الشرطية إما ان يكون له اطلاق يشمل حال النسيان أيضا، كقوله عليه السلام (لا صلاة الا بفاتحة الكتاب) وقوله عليه السلام (لا صلاة لمن لم يقم صلبه) أو لا يكون له اطلاق، كما في الاستقرار المعتبر في الصلاة، فان عمدة دليله الاجماع، وهو دليل لبي لا اطلاق له. والقدر المتقين منه حال الذكر والالتفات وعلى كل من التقديرين اما ان يكون لدليل أصل الواجب كالصلاة اطلاق يشمل جميع الحالات، أو لا يكون له اطلاق هذه هي صور أربع: