العمل بالدليل باعتبار جريان الأصل العملي كما ستعرفه إن شاء الله تعالى.
فذهب جماعة إلى استحالة توجيه التكليف إلى الناسي، وان الصحة في الفرض المذكور انما هي الوفاء بالملاك لا لانطباق المأتى به على المأمور به، نظرا إلى أن الناسي ان التفت إلى كونه ناسيا انقلب إلى الذاكر، فلا يكون الحكم الثابت لعنوان الناسي فعليا في حقه، وان لم يلتفت إلى نسيانه، فلا يعقل انبعاثه عنه، وما لم يمكن الانبعاث لم يمكن البعث بالضرورة، فعلى تقديري الالتفات وعدمه يستحيل فعلية التكليف في حقه، ومع استحالة الفعلية يمتنع الجعل بالضرورة.
واختار صاحب الكفاية (ره) امكان ذلك بوجهين: (الوجه الأول) - ان يوجه الخطاب إلى الناسي لا بعنوانه، بل بعنوان آخر ملازم له واقعا، وان لم يكن الناسي ملتفتا إلى الملازمة ليعود المحذور. وفيه ان هذا مجرد فرض وهمي لا واقع له، ولا سيما ان النسيان ليس له ميزان مضبوط ليفرض له عنوان ملازم، فإنه يختلف باختلاف الأشخاص والأزمان، واختلاف متعلقه من الاجزاء الشرائط، فكيف يمكن فرض عنوان يكون ملازما للنسيان أينما تحقق ولا سيما إذا اعتبر فيه عدم كون الناسي ملتفتا إلى الملازمة بينهما.
الوجه الثاني ان يوجه التكليف إلى عامة المكلفين بما يتقوم به العمل ثم يكلف خصوص الذاكر ببقية الاجزاء والشرائط، فتختص جزئيتها وشرطيتها بحال الذكر. وهذا الوجه مما لا بأس به في مقام الثبوت، إلا أنه يحتاج في مقام الاثبات إلى الدليل. وقد ثبت ذلك في الصلاة، فان الأمر بالأركان فيها مطلق بالنسبة إلى عامة المكلفين. وأما بقية الاجزاء والشرائط فالأمر بها مختص بحال الذكر بمقتضى حديث (لا تعاد الصلاة الا من خمس) وغيره من النصوص الواردة في موارد خاصة. وعليه فالناسي وان كان غير ملتفت إلى