(الامر الثاني) - ان الظن الذي لم يقم على حجيته دليل هل يجبر به ضعف السند أو الدلالة بحيث لولاه لم يكن حجة أم لا؟ وهل يوهن به السند أو الدلالة بحيث لو قام على خلافه يسقط عن الحجية أم لا؟ وهل يرجح به أحد المتعارضين على الآخر أم لا؟ فيقع الكلام في هذه الجهات الثلاث:
(اما الكلام في الجهة الأولى) فهو ان المعروف المشهور بينهم انجبار ضعف السند بعمل المشهور، مع أن الشهرة في نفسها لا تكون حجة. واختاره صاحب الكفاية (ره) وذكر في وجهه ان الخبر الضعيف وان لم يكن حجة في نفسه، الا ان عمل المشهور به يوجب الوثوق بصدوره، ويدخل بذلك في موضوع الحجية.
أقول: ان كان مراده ان عمل المشهور يوجب الاطمئنان الشخصي بصدور الخبر، فالكبرى وان كان صحيحة إذ الاطمئنان الشخصي حجة ببناء العقلاء، فإنه علم عادي، ولذا لا تشمله أدلة المنع عن العمل بالظن، لكن الصغرى ممنوعة، إذ ربما لا يحصل الاطمئنان الشخصي من عمل المشهور. وان كان مراده ان عمل المشهور يوجب الاطمئنان النوعي، فما ذكره غير تام صغرى وكبرى (اما الصغرى) فلانه لا يحصل الاطمئنان بصدور الخبر الضعيف لنوع الناس من عمل المشهور. و (اما الكبرى) فلانه على تقدير حصول الاطمئنان النوعي لا دليل على حجية مع فرض عدم حصول الاطمئنان الشخصي. ولم يثبت ذلك بدليل، انما الثابت - بسيرة العقلاء وبعض الآيات الشريفة والروايات التي تقدم ذكرها - حجية خبر الثقة الذي يحصل الوثوق النوعي بوثاقة الراوي، بمعنى كونه محترزا عن الكذب، لا حجية خبر الضعيف الذي يحصل الوثوق النوعي بصدقه ومطابقته للواقع من عمل المشهور، بل لا دليل على حجية خبر الضعيف الذي يحصل منه اليقين النوعي بصدقه في فرض عدم حصول اليقين