بدفع الضرر المحتمل، ولذا وجب الاحتياط في الشبهة البدوية قبل الفحص، وفي أطراف العلم الاجمالي، بل الضرر محتمل حتى في موارد العلم التفصيلي بالتكليف فان استحقاق العقاب على المخالفة وان كان مقطوعا به فيها، إلا ان العقاب فيها أيضا محتمل لا معلوم، لاحتمال صدور العفو منه تعالى واحتمال الشفاعة. و (بالجملة) لا ينبغي الشك في الكبرى على هذا التقدير، إلا ان الصغرى ممنوعة إذ لا ملازمة بين التكليف الواقعي واستحقاق العقوبة على المخالفة، ليكون الظن بالتكليف مستلزما للظن بالعقاب على المخالفة والا كان احتمال التكليف مستلزما لاحتمال العقاب على المخالفة ولزم الاحتياط في الشبهات البدوية ولو بعد الفحص، لان دفع الضرر المحتمل أيضا واجب عقلا، كالضرر المظنون، مع كونه واضح البطلان لاستقلال العقل بقبح العقاب بلا بيان.
(وبعبارة أخرى) استحقاق العقاب من لوازم تنجز التكليف لا من لوازم وجوده الواقعي، فمع عدم تنجزه بالعلم الوجداني، ولا بالحجة المعتبرة لا عقاب على مخالفة بقبح العقاب بلا بيان بحكم العقل. وبما ذكرناه ظهر فساد ما ذكره صاحب الكافية (ره) من أن العقل وان لم يكن مستقلا باستحقاق العقاب على المخالفة، ولكنه غير مستقل بعدمه أيضا، فالعقاب حينئذ محتمل والعقل حاكم بوجوب دفع الضرر المحتمل (انتهى) إذ مع استقلال العقل بقبح العقاب بلا بيان على ما اعترف هو به في مبحث البراءة لا يبقى مجال للترديد في استحقاق العقوبة وعدمه، فان موضوع حكم العقل وهو عدم البيان محقق، إذ المفروض عدم كون الظن حجة، فالعقل مستقل بعدم استحقاق العقاب، فلا يكون هناك احتمال للعقاب. 216 وان كان مراده من الضرر هو الضرر الدنيوي، فقد يمنع كلتا المقدمتين وقد يمنع الكبرى فقط (بيان ذلك) ان التكاليف الوجوبية ليس في مخالفتها الا