دل الدليل على حرمة الاضرار بالنفس في موارد خاصة، كقتل الانسان نفسه أو قطع بعض أعضائه، كما دل الدليل على حرمة ارتكاب ما يخاف ضرره في موارد خاصة، كالصوم والوضوء والغسل، ولا بد من الاقتصار في مورد النص، إذ لا يستفاد منه كبرى كلية: مع أن الاعتبار في تلك الموارد بخوف الضرر المنطبق على الاحتمال أيضا لا خصوص الظن بالضرر.
(الوجه الثاني) - أن الاخذ بخلاف الظن ترجيح المرجوح على الراجح وهو قبيح عقلا، فتعين الاخذ بالظن. (وفيه) ان تمامية هذا الوجه متوقفة على أمرين: تنجز التكليف وعدم امكان الاحتياط، إذ على تقدير عدم كون التكليف ثابتا، لا مانع من الرجوع إلى البراءة، وليس فيه ترجيح المرجوح على الراجح كما هو ظاهر وكذا لو تنجز التكليف وتمكن المكلف من الاحتياط فعليه العمل بالاحتياط لقاعدة الاشتغال، وليس فيه أيضا ترجيح المرجوح على الراجح. نعم فيما إذا تنجز التكليف ولم يمكن الاحتياط كما إذا ترددت القبلة بين جهتين تظن القبلة في إحداهما المعينة، ولم يمكن الاحتياط لضيق الوقت مثلا، تعين الاخذ بالظن لقبح ترجيح المرجوح على الراجح. وعليه فلا يكون هذا الوجه إلا مقدمة من مقدمات دليل الانسداد، فلا ينتج إلا بانضمام الباقي منها إليه.
(الوجه الثالث) - ان العلم الاجمالي بثبوت تكاليف إلزامية وجوبية وتحريمية يقتضى وجوب الاحتياط في جميع الشبهات، لكنه موجب للعسر المنفى في الشريعة المقدسة، فلا بد من التبعيض في الاحتياط والاخذ بمظنونات التكليف. لقبح ترجيح المرجوح على الراجح. و (فيه) ان هذا الوجه أيضا من مقدمات دليل الانسداد، ولا ينتج ما لم تنضم إليه البقية.
(الوجه الرابع) - هو الدليل المعروف بدليل الانسداد، وتحقيق الكلام فيه يقتضي البحث في جهات أربع: