أن كل تنزيل يستدعي أمورا ثلاثة: المنزل والمنزل عليه، ووجه التنزيل والمنزل في المقام هو الخبر والمنزل عليه هي السنة، ووجه التنزيل وجوب العمل به، فكما يمكن ان يجعل هذا البحث من عوارض الخبر، بأن يقال يبحث في هذا المبحث عن كون الخبر منزلا منزلة السنة أم لا كذلك يمكن أن يجعل من عوارض السنة، بان يقال يبحث عن كون السنة منزلا منزلة الخبر وعدمه.
وفيه (أولا) - ما تقدم في الجمع بين الحكم الواقعي والظاهري من أنه لا تنزيل في باب الحجج، إنما المجعول هو الطريقية بتتميم الكشف، وليس ذلك إلا من عوارض الخبر. و (ثانيا) - انه على تقدير تسليم التنزيل المذكور كان متعلق غرض الأصولي - وهو التمسك بالخبر في مقام استنباط الحكم الشرعي - هي الجهة الأولى، وهي البحث عن كون الخبر منزلا منزلة السنة أم لا. لا الجهة الثانية إذ لا يترتب عليها غرض الأصولي.
فالتحقيق في الجواب عن هذا الاشكال هو ما أشرنا إليه من أنه لا ملزم لحصر موضوع علم الأصول في الأدلة الأربعة، وان الموضوع - على القول بلزومه في كل علم - هو الكلي المنطبق على موضوعات المسائل، واما على القول بعدم لزومه كما هو الصحيح فالاشكال مندفع من أصله.
إذا عرفت ذلك فنقول: وقع الخلاف بين الاعلام في حجية خبر الواحد فذهب جماعة من قدماء الأصحاب إلى عدم حجيته، بل ألحقه بعضهم بالقياس في أن عدم حجيته من ضروري المذهب، وذهب المشهور إلى كونه حجة.
واستدل المنكرون بوجوه: (الوجه الأول) - دعوى الاجماع على عدم حجية الخبر. وفيه (أولا) - عدم حجية الاجماع المنقول في نفسه. (وثانيا) - ان الاجماع المنقول من افراد خبر الواحد، بل من أخس أفراده باعتبار كونه إخبارا حدسيا عن قول المعصوم (ع)، بخلاف خبر الواحد المصطلح، فإنه