الثاني من الاخبار، وهو ما كان الاخبار عن امر حسي، مع احتمال ان يكون الاخبار به مستندا إلى الحدس، وأن يكون مستندا إلى الحس، وقد تقدم ان هذا القسم من الاخبار حجة بسيرة العقلاء، باعتبار ان ظاهر الاخبار عن امر حسي يدل عن كونه مستندا إلى الحس، فيكون حجة. وبالجملة احتمال كون الاخبار مستندا إلى الحس كاف في الحجية ببناء العقلاء، هذا ملخص كلامه بتوضيح منا.
وفيه (أولا) - ان هذا الاحتمال - أي استناد القدماء في نقل الاجماع إلى الحس - احتمال موهوم جدا، بحيث يكاد يلحق بالتخيل فلا مجال للاعتناء به - وما ذكرناه - من أن احتمال كون الاخبار مستندا إلى الحس كاف في حجية - إنما هو فيما إذا كان الاحتمال عقلائيا، لا الاحتمال البعيد غاية البعد الملحق بأمر خيالي. وما يظهر به بعد هذا الاحتمال وكونه موهوما أمر ان: (أحدهما) - تتبع اجماعات القدماء كالشيخ الطوسي (ره) والسيد المرتضى (ره)، إذ قد عرفت استناد الأول في دعوى الاجماع إلى قاعدة اللطف لا إلى الحس من المعصوم عليه السلام ولو بالواسطة، واستناد الثاني إلى أصل أو قاعدة كان تطبيقهما بنظره، فلو لم ندع القطع بعدم استناد هما إلى الحس من المعصوم عليه السلام ولو بالواسطة، لا أقل من عدم الاعتناء باحتمال الاستناد إلى الحس. (ثانيهما) - انه لو كان الامر كذلك كان المتعين هو النقل عن المعصوم (ع)، كبقية الروايات، لا نقل الاجماع، فان نقل الاجماع - باعتبار كونه كاشفا عن قول المعصوم (ع) مع كون نفس قول المعصوم محسوسا له ولو بالواسطة - يكون شبيها بالاكل من القفاء.
و (ثانيا) - انه على تقدير تسليم ذلك وان اجماع القدماء مستند إلى الحس بالواسطة فيكون الاجماع المنقول منهم بمنزلة رواية مرسلة ولا يصح