فلا يراد منه إلا نفي السهو، أو دعوى أنه عين المحمول، وما هذا إلا سلب الحكم، أو إثباته وإسراء الحكم إلى الموضوع.
ولكنه غير خفي: أن ما يجده الذوق السليم والطبع المستقيم في هذه المواقف، لا يلازم كونه مطابقا للواقع، لخلو كلمات كثيرة - حتى من أبناء الخطابة أحيانا - من هذا الدعاوى، فلا بد من قرينة على هذا، وإلا فيندرج فيما ذكرناه: من أن الاستعمال كثيرا ما يكون بداعي الانتقال إلى المعاني الاخر المقصودة بالذات، فافهم وتدبر جيدا.
الطريقة الثالثة ما مر منا في مباحث الوضع: وهو أن الألفاظ ليست موضوعة إلا للمعاني العامة، فإذا أطلق " الميزان والكتاب والقسطاس والصراط " وأمثال ذلك، وأريد منها غير ما هو الموضوع لها بدوا، فليس هو إلا لأجل توهم أن دائرة الموضوع له مضيقة (1).
وأما إذا كان هو الموضوع لأمر أعم، فيكون " الميزان " موضوعا لما يوزن به، وهكذا غيره، فما يراد من هذه التعابير، ليس من المجاز، بل هي عين الحقيقة، لأنها موضوعة لمعنى أعم. وإرادة يوسف من " الملك الكريم " من هذا القبيل، لأنه موضوع لكل ما كان فيه غلبة الروحانية، سواء كانت في المادة، أم لم تكن، فالحكومة بالإخراج في قوله: * (ما هذا بشرا) * (2) ليست إلا لعدم انطباق المعنى