حاكيا، ولا دالا، فلا يكون مستعملا في شئ لأن الاستعمال يلازم الدلالة والحكاية.
ولا أقول هذا للزوم اتحاد الدال والمدلول (1)، حتى تصبح المسألة في واد آخر خارج عن المقام، بل الوجدان قاض بذلك.
فما هو الموضوع في القضية موجود خارجي، ولو كان حاكيا عن أمر ذهني تكون القضية كاذبة، لأن زيدا المعقول ليس ملفوظا، ولا شئ آخر حتى يكون هو الحاكي عنه، ولا داعي إلى الالتزام بالاستعمال، ولا برهان عليه.
وما أفاده الوالد المحقق - مد ظله - في المقام (2)، يناقض ما أفاده في حروف الإشارة (3)، ضرورة أن الخارج يكون موضوع القضية، ومحكوما عليه، كما في الإشارة بالإصبع إلى العين الخارجية، والحكم عليها " بأنها كذا وكذا ".
وليس ذلك معناه نيل الخارج حتى يلزم الخلف، لأن ما هو في الخارج إذا نالته الأنفس يكون ذهنيا، بل لو كان ذلك منقلبا إلى الذهن يلزم كذب القضية ف " زيد " في قولنا: " زيد لفظ " وإن كان مسببا لحصول الصورة المعقولة من الكيف المسموع غير القار، إلا أن المحكوم عليه ليس تلك الصورة، لأنها ليست ملفوظة.
فما كان هو الملفوظ، هي الحركة الخارجية الصادرة من مخارج الحروف المركبة منها كلمة " زيد " وسائر الكلمات والحروف والجمل، وهذا هو الموضوع للقضية، دون الأمر الآخر، كما إذا قيل: " العدم موجود " مريدا به وجوده اللفظي أو الكتبي، فإن الموضوع في هذه القضية أيضا نفس ما هو الصادر، ولا أمر وراء ذلك حتى يكون العدم دالا عليه، وحاكيا عنه.