الاستعمال في مرحلة الوضع والإنشاء.
وقد تقرر: أن تلك العلقة بين الألفاظ والمعاني، تحصل بالأسباب المختلفة، ومنها: التعهد والتباني (1)، فإنه يورث حصولها وإن لم يكن استعمال، وإلا يلزم عدم الموضوع له للألفاظ، ويكون كتب اللغة لغوا، لأن ما هو الموضوع له هو المعاني حال الاستعمال، لا الأعم، مع أن ضرورة الوجدان قاضية على خلافهم. فما في " الدرر " لشيخ مشايخنا الحائري (رحمه الله) (2) لا يخلو من تأسف.
وتوهم: أن ذكر المعنى بعد إلقاء اللفظ في عالم التصور من أجل شدة الانس (3) - مع أنه منقوض بما إذا لم يكن العالم بالوضع مأنوسا - يستلزم المحذور الآخر: وهو أن المتكلم بقوله: " الأسد يرمي " ما دام لم يفرغ من الكلام، لا يخطر بالبال لأجل الوضع من كلامه شئ، بل الخطور لأجل الانس أولا، ثم بعد تمامية قوله: " يرمي " يخطر ثانيا لأجل الوضع، والالتزام بهذا المحذور كالالتزام بالتناقض جدا.
فما نسب إلى العلمين البلخي والطوسي (رحمه الله) (4) من إنكار الدلالة الوضعية، وإثبات انحصار الدلالة بالتصديقية، أي بالجمل المستعملة (5)، أو نسب إليهما: من كون الموضوع له مقيدا بالإرادة والقصد (6)، غير قابل للتصديق، ضرورة أن القضية مركبة من الدلالة التصورية والتصديقية، ولا يعقل دلالة الموضوع على التصديق، أو على التصور والتصديق، كما لا يعقل إنكار دلالته، ولا شبهة في أن الدلالة من