لشخصيتها، أو من أمارات التشخص، ولا تكون تلك الأمارات إلا جزئية بجزئية الوجود، وإلا فليست أمارة، بل تكون مباينة مع ذي الأمارة قهرا وطبعا.
هذا مع أن لنا الاستغناء عن الحروف، بوضع الأسماء لتلك الطبائع على نعت التقييد بالخصوصيات الطارئة عليها في العين والخارج، فيقوم مقام " سرت من البصرة إلى الكوفة " " سافرت إلى الكوفة " بأن تكون كلمة " سافر " موضوعة من أول الأمر للسير من البصرة، فعندئذ يتخير المتكلم في أداء ما وقع في الخارج بين الجملتين، كما هو الظاهر.
ولتلك الجهة وضعت للناقة ألف لغة، وما هذا إلا لحاظ الخصوصيات التي لا نفسية لها في العين، بل تكون وجوداتها عين وجودها لغيرها، على وجه عرفت تفصيله.
فعلم مما مر: أن المعاني الحرفية أمور واقعية عينية، كالمعاني الاسمية.
نعم، كما تكون من المعاني الاسمية ما هي اعتبارية، كذلك من المعاني الحرفية ما هي اعتبارية.
وكما مر: أن المعاني الاعتبارية الاسمية، متخذة من المعاني التكوينية الاسمية، وليست هي معاني اختراعية (1)، كذلك المعاني الحرفية الاعتبارية - مثل ما يعتبر به النداء والقسم، وأمثالهما من التمني والترجي - متخذة من المعاني الحرفية الواقعية التكوينية، فإن ما هو النداء بالحمل الشائع، ليس إلا خصوصية قائمة بالحقيقة الجوهرية، وتكون من كمالاتها.
وهكذا التمني والترجي من النفوس القدسية، فإنهما منهما مستلزمة لحصول المعنى منها، وصدوره عنها، ومن غيرهم لا تكون إلا اعتبار ذلك المعنى، فلا تخلط.