ومن جميع ما أشير إليه تبين: أن المعاني الحرفية والاسمية مختلفة بالتجوهر، وبينهما الخلاف والافتراق في الواقع ونفس الأمر، وتكون المعاني الاسمية من قبيل الماهيات المختلفة في الوعاء، والمعاني الحرفية من قبيل الوجودات الجزئية غير المتبدلة بحسب الأوعية، فما كان نفس حقيقته، الخارجية لا يأتي في الذهن، وما هو حقيقته، الذهنية والمعقولية لا يأتي في الخارج.
فما يظهر من صاحبي " الكفاية " و " الدرر ": من أن المعاني الحرفية والاسمية سيان، حسب المعنى والمفهوم، ومختلفان حسب لحاظ الواضع، كما في " الكفاية " (1) أو حسب الحاجة في التحقق إلى الأمور الأخر، كما في " الدرر " (2) لا يرجع إلى محصل، ضرورة أن الخصوصيات اللاحقة بالمعاني الاسمية، أمور غير مرتبطة بعالم الوضع واللحاظ، والاحتياج إلى الأمور الأخر في التحقق، مشترك بين المعاني الاسمية والحرفية، فتكون الاسمية حرفية، لعدم الميز بينهما حسب ما يتراءى منه، فراجع.
وتبين أن المعاني الحرفية خارجية جزئية، لا ذهنية.
ولو قيل: فكيف يصح قولنا: " ابتداء سيري البصرة، وانتهاؤه الكوفة " فلو كانت هي المعاني الخارجية الحرفية، فكيف تكون محكية بالعناوين الإسمية؟!
قلنا أولا: قد أشرنا إلى ذلك، بأنه دليل على أن الحروف مما ليس واجبا استعمالها في إفادة المعاني المقصودة، فلا تكون هي المعاني الذهنية المخلوقة في النفس لانسجام الكلام.
وثانيا: سيظهر لك أن المفاهيم الاختراعية المأخوذة من الأمور الخارجية،