وتلك المعاني محكية بالألفاظ، إلا أن معنى أصل السير والفاعل والكوفة والبصرة، محكية بالمفاهيم الاسمية، والخصوصيات الجزئية الملتحقة بتلك المسميات الاسمية معان حرفية محكية بالهيئة وكلمة " إلى " و " من ".
فتكون المسميات في الحروف، الحدود الطارئة والملتحقة بالمسميات في الأسماء، وتحكي الحروف عن الخصوصيات اللاحقة بالطبائع، ولا تحكي عنها نفسها، لأن الموضوع له فيها نفس الطبائع اللابشرط.
فما اشتهر: " من أن المعاني الحرفية هي الوجودات الرابطة، حيال الوجودات الجوهرية والعرضية " (1) فاسد وباطل عاطل.
وتوهم: أن المعاني الحرفية لا واقعية لها (2) من الأمر البين فساده، بل قد عرفت: أن جميع المعنونات معان حرفية، فالمعاني الحرفية في اصطلاح الفيلسوف، تشمل الجواهر الأعلين والأدنين، حسب ما برهن عليه كما أشير إليه (3)، وحسب ما اصطلح عليه الأدباء وعلماء اللغة، هي ما عرفت في طي كلماتهم السابقة (4)، وأشير إليه آنفا.
ثم إن المعاني الحرفية بعدما كانت واقعية من غير دخالة لحاظ اللاحظ فيها، لا تكون ذهنية. فما قد يقال: " بأن المعاني الحرفية روابط ذهنية بين الجمل، خبرية كانت، أو إنشائية، وتوجد في النفس، ولا واقعية لها " (5) في غاية الوهن والسخافة، وذلك لأن تلك الخصوصيات الوجودية، طارئة على الطبائع الكلية، ومورثة