فهل كفر النبي عليه الصلاة والسلام لذلك؟ نقول: عن الحسن أنه لم يكفر لأنه كان مغفورا له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وإنما هو تعليم للمؤمنين، وعن مقاتل أنه أعتق رقبة في تحريم مارية.
ثم قال تعالى:
* (إن تتوبآ إلى الله فقد صغت قلوبكما وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير * عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات ثيبات وأبكارا) *.
قوله: * (إن تتوبا إلى الله) * خطاب لعائشة وحفصة على طريقة الالتفات ليكون أبلغ في معاتبتهما والتوبة من التعاون على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالإيذاء * (فقد صغت قلوبكما) * أي عدلت ومالت عن الحق، وهو حق الرسول عليه الصلاة والسلام، وذلك حق عظيم يوجد فيه استحقاق العتاب بأدنى تقصير وجواب الشرط محذوف للعلم به على تقدير: كان خيرا لكما، والمراد بالجمع في قوله تعالى: * (قلوبكما) * التثنية، قال الفراء: وإنما اختير الجمع على التثنية لأن أكثر ما يكون عليه الجوارح اثنان اثنان في الإنسان كاليدين والرجلين والعينين، فلما جرى أكثره على ذلك ذهب بالواحد منه إذا أضيف إلى اثنين مذهب الاثنين، وقد مر هذا، وقوله تعالى: * (وإن تظاهرا عليه) * أي وإن تعاونا على النبي صلى الله عليه وسلم بالإيذاء * (فإن الله هو مولاه) * أي لم يضره ذلك التظاهر منكما * (ومولاه) * أي وليه وناصره * (وجبريل) * رأس الكروبيين، قرن ذكره بذكره مفردا له من الملائكة تعظيما له وإظهارا لمكانته (عنده) * (وصالح المؤمنين) *.
قال ابن عباس: يريد أبا بكر وعمر مواليين النبي صلى الله عليه وسلم على من عاداه، وناصرين له، وهو قول المقاتلين، وقال الضحاك خيار المؤمنين، وقيل من صلح من المؤمنين، أي كل من آمن وعمل صالحا، وقيل: من برئ منهم من النفاق، وقيل: الأنبياء كلهم، وقيل: الخلفاء وقيل: الصحابة، وصالح ههنا ينوب عن الجمع، ويجوز أن يراد به الواحد والجمع، وقوله تعالى: * (والملائكة بعد ذلك) * أي بعد حضرة الله وجبريل وصالح المؤمنين * (ظهير) * أي فوج مظاهر للنبي صلى الله عليه وسلم، وأعوان له وظهير في معنى الظهراء، كقوله: * (وحسن أولئك رفيقا) * (النساء: 69) قال الفراء: والملائكة بعد نصرة هؤلاء ظهير، قال أبو علي: