التقدير لا يسأل حميم عن حميمه فحذف الجار وأوصل الفعل الثاني: لا يسأل حميم حميمه كيف حالك ولا يكلمه، لأن لكل أحد ما يشغله عن هذا الكلام الثالث: لا يسأل حميم حميما شفاعة، ولا يسأل حميم حميما إحسانا إليه ولا رفقا به.
المسألة الثانية: قرأ ابن كثير: * (ولا يسأل) * بضم الياء، والمعنى لا يسأل حميم عن حميمه ليتعرف شأنه من جهته، كما يتعرف خبر الصديق من جهة صديقه، وهذا أيضا على حذف الجار قال الفراء: أي لا يقال لحميم أين حميمك ولست أحب هذه القراءة لأنها مخالفة لما أجمع عليه القراء.
* (يبصرونهم يود المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه * وصاحبته وأخيه) *.
قوله تعالى: * (يبصرونهم) * يقال: بصرت به أبصر، قال تعالى: * (بصرت بما لم يبصروا به) * (طه: 96) ويقال: بصرت زيد بكذا فإذا حذفت الجار قلت: بصرني زيد كذا فإذا أثبت الفعل للمفعول به وقد حذفت الجار قلت: بصرني زيدا، فهذا هو معنى يبصرونهم، وإنما جمع فقيل: يبصرونهم لأن الحميم وإن كان مفردا في اللفظ فالمراد به الكثرة والجميع والدليل عليه قوله تعالى: * (فما لنا من شافعين) * (الشعراء: 100) ومعنى يبصرونهم يعرفونهم، أي يعرف الحميم الحميم حتى يعرفه، وهو مع ذلك لا يسأله عن شأنه لشغله بنفسه، فإن قيل: ما موضع يبصرونهم؟ قلنا: فيه وجهان الأول: أنه متعلق بما قبله كأنه لما قال: * (ولا يسأل حميم حميما) * (المعارج: 10) قيل: لعله لا يبصره فقيل يبصرونهم ولكنهم لاشتغالهم بأنفسهم لا يتمكنون من تساؤلهم الثاني: أنه متعلق بما بعده، والمعنى أن المجرمين يبصرون المؤمنين حال ما يود أحدهم أن يفدي نفسه لكل ما يملكه، فإن الإنسان إذا كان في البلاد الشديد ثم رآه عدوه على تلك الحالة كان ذلك في نهاية الشدة عليه.
الصفة الرابعة: قوله: * (يود المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه وصاحبته وأخيه) * وفيه مسألتان: المسألة الأولى: المجرم هو الكافر، وقيل: يتناول كل مذنب.
المسألة الثانية: قرىء * (يومئذ) * بالجر والفتح على البناء لسبب الإضافة إلى غير متمكن، وقرئ أيضا: * (من عذاب يومئذ) * بتنوين * (عذاب) * ونصب * (يومئذ) * وانتصابه بعذاب لأنه في معنى تعذيب.
* (وفصيلته التى تاويه * ومن فى الارض جميعا ثم ينجيه) *.
فصيلة الرجل، أقاربه الأقربون الذين فصل عنهم وينتهي إليهم، لأن المراد من الفصيلة المفصولة، لأن الولد يكون منفصلا من الأبوين. قال عليه السلام: " فاطمة بضعة مني " فلما كان هو مفصولا منهما، كانا أيضا مفصولين