سبب فدكتا، أي فدكت الجملتان جملة الأرض وجملة الجبال، فضرب بعضها ببعض، حتى تندق وتصير كثيبا مهيلا وهباء منبثا والدك أبلغ من الدق، وقيل: فبسطتا بسطة واحدة فصارتا أرضا لا ترى فيها عوجا ولا أمتا من قولك: اندك السنام إذا انفرش، وبعير أدك وناقة دكاء ومنه الدكان. المسألة الثانية: قال الفراء: لا يجوز في دكة ههنا إلا النصب لارتفاع الضمير في دكتا، ولم يقل: فدككن لأنه جعل الجبال كالواحدة والأرض كالواحدة، كما قال: * (أن السماوات والأرض كانتا رتقا) * (الأنبياء: 30) ثم قال تعالى ولم يقل: كن.
* (فيومئذ وقعت الواقعة * وانشقت السمآء فهى يومئذ واهية) *.
أي فيومئذ قامت القيامة الكبرى وانشقت السماء لنزول الملائكة: * (فهي يومئذ واهية) * أي مسترخية ساقطة القوة * (كالعهن المنفوش) * بعدما كانت محكمة شديدة.
* (والملك على أرجآئهآ ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) *.
ثم قال تعالى: * (والملك على أرجائها) * وفيه مسائل:
المسألة الأولى: قوله: * (والملك) * لم يرد به ملكا واحدا، بل أراد الجنس والجمع.
المسألة الثانية: الأرجاء في اللغة النواجي يقال: رجا ورجوان والجمع الأرجاء، ويقال ذلك لحرف البئر وحرف القبر وما أشبه ذلك، والمعنى أن السماء إذا انشقت عدلت الملائكة عن مواضع الشق إلى جوانب السماء، فإن قيل: الملائكة يموتون في الصعقة الأولى، لقوله: * (فصعق من في السماوات ومن في الأرض) * (الزمر: 68) فكيف يقال: إنهم يقفون على أرجاء السماء؟ قلنا: الجواب من وجهين: الأول: أنهم يقفون لحظة على أرجاء السماء ثم يموتون الثاني: أن المراد الذين استثناهم الله في قوله: * (إلا من شاء الله) * (الزمر: 68).
قوله تعالى: * (ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) * فيه مسائل:
المسألة الأولى: هذا العرش هو الذي أراده الله بقوله * (الذين يحملون العرش) * (غافر: 7) وقوله: * (وترى الملائكة حافين من حول العرش) * (الزمر: 75).
المسألة الثانية: الضمير في قوله: * (فوقهم) * إلى ماذا يعود؟ فيه وجهان الأول: وهو الأقرب أن المراد فوق الملائكة الذين هم على الأرجاء والمقصود التمييز بينهم وبين الملائكة الذين هم حملة العرش الثاني: قال مقاتل: يعني أن الحملة يحملون العرش فوق رؤوسهم. و (مجيء) الضمير قبل الذكر جائز كقوله: في بيته يؤتي الحكم.