الموجودات كذلك، فإن قيل: البصير إذا عدي بالباء يكون بمعنى العالم، يقال: فلان بصير بكذا إن كان عالما به، قلنا: لا نسلم، فإنه يقال: إن الله سميع بالمسموعات، بصير بالمبصرات.
* (أمن هاذا الذى هو جند لكم ينصركم من دون الرحمان إن الكافرون إلا فى غرور) *.
اعلم أن الكافرين كانوا يمتنعون عن الإيمان، ولا يلتفتون إلى دعوة الرسول عليه الصلاة والسلام، وكان تعويلهم على شيئين أحدهما: القوة التي كانت حاصلة لهم بسبب مالهم وجندهم والثاني: أنهم كانوا يقولون: هذه الأوثان، توصل إلينا جميع الخيرات، وتدفع عنا كل الآفات وقد أبطل الله عليهم كل واحد من هذين الوجهين، أما الأول فبقوله: * (أمن هذا الذي هو جند لكم ينصركم من دون الرحمن) * وهذا نسق على قوله: * (أم أمنتم من في السماء) * (الملك: 17) والمعنى أم من يشار إليه من المجموع، ويقال: هذا الذي هو جند لكم ينصركم من دون الله إن أرسل عذابه عليكم، ثم قال: * (إن الكافرون إلا في غرور) * أي من الشيطان يغرهم بأن العذاب لا ينزل بهم.
* (أمن هاذا الذى يرزقكم إن أمسك رزقه بل لجوا فى عتو ونفور) *.
أما الثاني فهو قوله: * (أمن هذا الذي يرزقكم إن أمسك رزقه) *. والمعنى: من الذي يرزقكم من آلهتكم إن أمسك الله الرزق عنكم، وهذا أيضا مما لا ينكره ذو عقل، وهذا أنه تعالى لو أمسك أسباب الرزق كالمطر والنبات وغيرهما لما وجد رازق سواه فعند وضوح هذا الأمر قال تعالى: * (بل لجوا في عتو ونفور) * والمراد أصروا وتشددوا مع وضوح الحق، في عتو أي في تمرد وتكبر ونفور، أي تباعد عن الحق وإعراض عنه فالعتو بسبب حرصهم على الدنيا وهو إشارة إلى فساد القوة العملية، والنفور بسبب جهلهم، وهذا إشارة إلى فساد القوة النظرية.
واعلم أنه تعالى لما وصفهم بالعتو والنفور، نبه على ما يدل على قبح هذين الوصفين. فقال تعالى:
* (أفمن يمشى مكبا على وجهه أهدى أمن يمشى سويا على صراط مستقيم) *.
وفيه مسائل:
المسألة الأولى: قال الواحدي: أكب مطاوع كبه، يقال: كببته فأكب ونظيره قشعت