بالتسوية في الحكم فهذا الجزم لا بد وأن يقال: إنه كان مسبوقا بتقرير أنه متى وقع الاشتراك في المناط الظاهر وجب الجزم بالاشتراك في الحكم، وإن مجرد احتمال الفرق بالأشياء التي لا يعلم كونها مناسبة للحكم لا يكون قادحا في تلك التسوية، فلا معنى لقولنا القياس حجة إلا هذا.
السؤال الثالث: لم ذكر في هذا الموضع قصة موسى وفرعون على التعيين دون سائر الرسل والأمم؟ الجواب: لأن أهل مكة ازدروا محمدا عليه الصلاة والسلام، واستخفوا به لأنه ولد فيهم، كما أن فرعون ازدرى موسى لأنه رباه وولد فيما بينهم وهو قوله: * (ألم نربك فينا وليدا) * (الشعراء: 18). السؤال الرابع: ما معنى كون الرسول شاهدا عليهم؟ الجواب: من وجهين الأول: أنه شاهد عليهم يوم القيامة بكفرهم وتكذيبهم الثاني: المراد كونه مبينا للحق في الدنيا، ومبينا لبطلان ما هم عليه من الكفر، لأن الشاهد بشهادته يبين الحق، ولذلك وصفت بأنها بينة، فلا يمتنع أن يوصف عليه الصلاة والسلام بذلك من حيث إنه بين الحق، وهذا بعيد لأن الله تعالى قال: * (وكذلك جعلناكم أمة وسطا) * (البقرة: 143) أي عدولا خيارا * (لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا) * (البقرة: 143) فبين أنه يكون شاهدا عليهم في المستقبل، ولأن حمله على الشهادة في الآخرة حقيقة، وحمله على البيان مجاز والحقيقة أولى.
السؤال الخامس: ما معنى الوبيل؟ الجواب: فيه وجهان الأول: الوبيل: الثقيل الغليظ ومنه قولهم: صار هذا وبالا عليهم، أي أفضى به إلى غاية المكروه، ومن هذا قيل للمطر العظيم: وابل، والوبيل: العصا الضخمة الثاني: قال أبو زيد: الوبيل الذي لا يستمرأ، وماء وبيل وخيم إذا كان غير مريء وكلأ مستوبل، إذا أدت عاقبته إلى مكروه، إذا عرفت هذا فنقول قوله: * (فأخذناه أخذا وبيلا) * يعني الغرق، قاله الكلبي ومقاتل وقتادة.
ثم إنه تعالى عاد إلى تخويفهم بالقيامة مرة أخرى فقال تعالى:
* (فكيف تتقون إن كفرتم يوما يجعل الولدان شيبا * السمآء منفطر به كان وعده مفعولا) *.
وفيه مسائل:
المسألة الأولى: قال الواحدي: في الآية تقديم وتأخير، أي فكيف تتقون يوما يجعل الولدان شيبا إن كفرتم.
المسألة الثانية: ذكر صاحب " الكشاف " في قوله: * (يوما) * وجوها الأول: أنه مفعول به، أي فكيف تتقون أنفسكم يوم القيامة وهوله إن بقيتم على الكفر والثاني: أن يكون ظرفا أي