وثانيها: يريد أداء الزكاة على أحسن وجه، وهو إخراجها من أطيب الأموال وأكثرها نفعا للفقراء ومراعاة النية وابتغاء وجه الله والصرف إلى المستحق وثالثها: يريد كل شيء يفعل من الخير مما يتعلق بالنفس والمال.
ثم ذكر تعالى الحكمة في إعطاء المال فقال: * (وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيرا وأعظم أجرا واستغفروا الله إن الله غفور رحيم) * وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: قال ابن عباس: تجدوه عند الله خيرا وأعظم أجرا من الذي تؤخره إلى وصيتك عند الموت، وقال الزجاج: وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيرا لكم من متاع الدنيا، والقول ما قاله ابن عباس.
المسألة الثانية: معنى الآية: وما تقدموا لأنفسكم من خير فإنكم تجدوه عند الله خيرا وأعظم أجرا إلا أنه قال: هو خيرا للتأكيد والمبالغة، وقرأ أبو السمال هو خير وأعظم أجرا بالرفع على الابتداء والخبر، ثم قال: * (واستغفروا الله) * لذنوبكم والتقصيرات الصادرة منكم خاصة في قيام الليل * (إن الله غفور) * لذنوب المؤمنين * (رحيم) * بهم، وفي الغفور قولان: أحدهما: أنه غفور لجميع الذنوب، وهو قول مقاتل والثاني: أنه غفور لمن يصر على الذنب، احتج مقاتل على قوله بوجهين الأول: أن قوله: * (غفور رحيم) * يتناول التائب والمصر، بدليل أنه يصح استثناء كل واحد منهما وحده عنه وحكم الاستثناء إخراج ما لولاه لدخل والثاني: أن غفران التائب واجب عند الخصم ولا يحصل المدح بأداء الواجب، والغرض من الآية تقرير المدح فوجب حمله على الكل تحقيقا للمدح، والله سبحانه وتعالى أعلم، والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين محمد النبي وآله وصحبه أجمعين.