منه، فسميا فصيلة لهذا السبب، وكان يقال للعباس: فصيلة النبي صلى الله عليه وسلم، لأن العم قائم مقام الأب، وأما قوله: * (تؤويه) * فالمعنى تضمه انتماء إليها في النسب أو تمسكا بها في النوائب. وقوله: * (ثم ينجيه) * فيه وجهان الأول: أنه معطوف على * (يفتدي) * (المعارج: 11) والمعنى: يود المجرم لو يفتدي بهذه الأشياء ثم ينجيه والثاني: أنه متعلق بقوله: * (ومن في الأرض) * والتقدير: يود لو يفتدي بمن في الأرض ثم ينجيه، و * (ثم) * لاستبعاد الإنجاء، يعني يتمنى لو كان هؤلاء جميعا تحت يده وبذلهم في فداء نفسه، ثم ينجيه ذلك، وهيهات أن ينجيه.
قوله تعالى:
* (كلا إنها لظى * نزاعة للشوى) *.
* (كلا) * ردع للمجرم عن كونه بحيث يود الافتداء ببنيه، وعلى أنه لا ينفعه ذلك الافتداء، ولا ينجيه من العذاب، ثم قال: * (إنها) * وفيه وجهان الأول: أن هذا الضمير للنار، ولم يجر لها ذكر إلا أن ذكر العذاب دل عليها والثاني: يجوز أن يكون ضمير القصة، ولظى من أسماء النار. قال الليث: اللظى، اللهب الخالص، يقال: لظت النار تلظى لظى، وتلظت تلظيا، ومنه قوله: * (نارا تلظى) * ولظى علم للنار منقول من اللظى، وهو معرفة لا ينصرف، فلذلك لم ينون، وقوله: * (نزاعة) * مرفوعة، وفي سبب هذا الارتفاع وجوه الأول: أن تجعل الهاء في أنها عماد، أو تجعل لظى اسم إن، ونزاعة خبر إن، كأنه قيل: إن لظى نزاعة والثاني: أن تجعل الهاء ضمير القصة، ولظى مبتدأ، ونزاعة خبرا، وتجعل الجملة خبرا عن ضمير القصة، والتقدير: إن القصة لظى نزاعة للشوى والثالث: أن ترتفع على الذم، والتقدير: إنها لظى وهي نزاعة للشوى، وهذا قول الأخفش والفراء والزجاج. وأما قراءة النصب ففيها ثلاثة أوجه أحدها: قال الزجاج: إنها حال مؤكدة، كما قال: * (هو الحق مصدقا) * وكما يقول: أنا زيد معروفا، اعترض أبو علي الفارسي على هذا وقال: حمله على الحال بعيد، لأنه ليس في الكلام ما يعمل في الحال، فإن قلت في قوله: * (لظى) * معنى التلظي والتلهب، فهذا لا يستقيم، لأن لظى اسم علم لماهية مخصوصة، والماهية لا يمكن تقييدها بالأحوال، إنما الذي يمكن تقييده بالأحوال هو الأفعال، فلا يمكن أن يقال: رجلا حال كونه عالما، ويمكن أن يقال: رأيت رجلا حال كونه عالما وثانيها: أن تكون لظى اسما لنار تتلظى تلظيا شديدا، فيكون هذا الفعل ناصبا، لقوله: * (نزاعة) * وثالثها: أن تكون منصوبة على الاختصاص، والتقدير: إنها لظى أعنيها نزاعة للشوى، ولم تمنع.
المسألة الثالثة: * (الشوى) * الأطراف، وهي اليدان والرجلان، ويقال للرامي: إذا لم يصب المقتل أشوى، أي أصاب الشوى، والشوى أيضا جلد الرأس، واحدتها شواة ومنه قول الأعشى: