تقول أنا لك محب غير مبغض وولي غير عدو، وأما على القول الثاني: فقوله: * (عسير) * يفيد أصل العسر الشامل للمؤمنين والكافرين وقوله: * (غير يسير) * يفيد الزيادة التي يختص بها الكافر لأن العسر قد يكون عسرا، قليلا يسيرا، وقد يكون عسرا كثيرا فأثبت أصل العسر للكل وأثبت العسر بصفة الكثرة والقوة للكافرين.
المسألة الثالثة: قال ابن عباس: لما قال إنه غير يسير على الكافرين، كان يسيرا على المؤمنين فبعض من قال بدليل الخطاب قال لولا أن دليل الخطاب حجة وإلا لما فهم ابن عباس من كونه غير يسير على الكافر كونه يسيرا على المؤمن.
قوله تعالى * (ذرنى ومن خلقت وحيدا) *.
أجمعوا على أن المراد ههنا الوليد بن المغيرة، وفي نصب قوله وحيدا وجوه الأول: أنه نصب على الحال، ثم يحتمل أن يكون حالا من الخالق وأن يكون حالا من المخلوق، وكونه حالا من الخالق على وجهين الأول: ذرني وحدي معه فإني كاف في الانتقام منه والثاني: خلقته وحدي لم يشركني في خلقه أحد، وأما كونه حالا من المخلوق، فعلى معنى أني خلقته حال ما كان وحيدا فريدا لا مال له، ولا ولد كقوله: * (ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة) * (الأنعام: 94)، القول الثاني: أنه نصب على الذم، وذلك لأن الآية نزلت في الوليد وكان يلقب بالوحيد، وكان يقول أنا الوحيد بن الوحيد، ليس لي في العرب نظير، ولا لأبي نظير. فالمراد * (ذرني ومن خلقت) * أعني وحيدا. وطعن كثير من المتأخرين في هذا الوجه، وقالوا: لا يجوز أن يصدقه الله في دعواه أنه وحيد لا نظير له، وهذا السؤال ذكره الواحدي وصاحب الكشاف، وهو ضعيف من وجوه الأول: أنا لما جعلنا الوحيد اسم علم فقد زال السؤال لأن اسم العلم لا يفيد في المسمى صفة بل هو قائم مقام الإشارة الثاني: لم لا يجوز أن يحمل على كونه وحيدا في ظنه واعتقاده؟ ونظيره قوله تعالى: * (ذق إنك أنت العزيز الكريم) * (الدخان: 49) الثالث: أن لفظ الوحيد ليس فيه أنه وحيد في العلو والشرف، بل هو كان يدعى لنفسه أنه وحيد في هذه الأمور. فيمكن أن يقال: أنت وحيد لكن في الكفر والخبث والدناءة القول الثالث: أن وحيدا مفعول ثان لخلق، قال أبو سعيد الضرير: الوحيد الذي لا أب له، وهو إشارة إلى الطعن في نسبه كما في قوله: * (عتل بعد ذلك زنيم) * (القلم: 13).
قوله تعالى * (وجعلت له مالا ممدودا) *.
في تفسير المال الممدود وجوه الأول: المال الذي يكون له مدد يأتي من الجزء بعد الجزء على الدوام، فلذلك فسره عمر بن الخطاب بغلة شهر شهر وثانيها: أنه المال الذي يمد بالزيادة، كالضرع والزرع وأنواع التجارات وثالثها: أنه المال الذي امتد مكانه، قال ابن عباس: كان ماله ممدودا ما بين مكة إلى الطائف (من) الإبل والخيل والغنم