سورة الحاقة خمسون وآيتان مكية بسم الله الرحمن الرحيم * (الحاقة * ما الحآقة * ومآ أدراك ما الحاقة) *.
المسألة الأولى: أجمعوا على أن الحاقة هي القيامة واختلفوا في معنى الحاقة على وجوه: أحدها: أن الحق هو الثابت الكائن، فالحاقة الساعة الواجبة الوقوع الثابتة المجيء التي هي آتية لا ريب فيها وثانيها: أنها التي تحق فيها الأمور أي تعرف على الحقيقة من قولك لا أحق هذا أي لا أعرف حقيقته جعل الفعل لها وهو لأهلها وثالثها: أنها ذوات الحواق من الأمور وهي الصادقة الواجبة الصدق، والثواب والعقاب وغيرهما من أحوال القيامة أمور واجبة الوقوع والوجود فهي كلها حواق ورابعها: أن * (الحاقة) * بمعنى الحقة والحقة أخص من الحق وأوجب تقول: هذه حقتي أي حقي، وعلى هذا * (الحاقة) * بمعنى الحق، وهذا الوجه قريب من الوجه الأول وخامسها: قال الليث: * (الحاقة) * النازلة التي حقت بالجارية فلا كاذبة لها وهذا معنى قوله تعالى: * (ليس لوقعتها كاذبة) *، (الواقعة: 2) وسادسها: * (الحاقة) * الساعة التي يحق فيها الجزاء على كل ضلال وهدى وهي القيامة وسابعها: * (الحاقة) * هو الوقت الذي يحق على القوم أن يقع بهم وثامنها: أنها الحق بأن يكون فيها جميع آثار أعمال المكلفين فإن في ذلك اليوم يحصل الثواب والعقاب ويخرج عن حد الانتظار وهو قول الزجاج وتاسعها: قال الأزهري: والذي عندي في * (الحاقة) * أنها سميت بذلك لأنها تحق كل محاق في دين الله بالباطل أي تخاصم كل مخاصم وتغلبه من قولك: حاققته فحققته أي غالبته فغلبته وفلجت عليه وعاشرها: قال أبو مسلم: * (الحاقة) * الفاعلة من حقت كلمة ربك.
المسألة الثانية: الحاقة مرفوعة بالابتداء وخبرها * (ما الحاقة) * والأصل * (الحاقة) * ما هي أي أي شيء هي؟ تفخيما لشأنها، وتعظيما لهولها فوضع الظاهر موضع المضمر لأنه أهول لها ومثله قوله: * (القارعة * ما القارعة) * (القارعة: 1 - 2) وقوله: * (وما أدراك) * أي وأي شيء أعلمك * (ما الحاقة) * يعني إنك لا علم لك بكنهها ومدى عظمها، يعني أنه في العظم والشدة بحيث لا يبلغه دراية أحد ولا وهمه وكيفما قدرت حالها فهي أعظم من ذلك * (وما) * في موضع الرفع على الابتداء و * (أدراك) * معلق عنه لتضمنه معنى الاستفهام.