السبب جعلوا الثواب كناية عن الإنسان، يقال: المجد في ثوبه والعفة في إزاره والثاني: أن الغالب أن من طهر باطنه، فإنه يطهر ظاهره الوجه الثاني: في تأويل الآية أن قوله: * (وثيابك فطهر) * أمر له بالاحتراز عن الآثام والأوزار التي كان يقدم عليها قبل النبوة، وهذا على تأويل من حمل قوله: * (ووضعنا عنك وزرك * الذي أنقض ظهرك) * (الشرح: 2، 3) على أيام الجاهلية الوجه الثاني: في تأويل الآية قال محمد بن عرفة النحوي معناه: نساءك طهرهن، وقد يكنى عن النساء بالثياب، قال تعالى: * (هن لباس لكم وأنتم لباس لهن) * (البقرة: 187) وهذا التأويل بعيد، لأن على هذا الوجه لا يحسن اتصال الآية بما قبلها.
* (والرجز فاهجر) *.
فيه مسائل:
المسألة الأولى: ذكروا في الرجز وجوها الأول: قال العتبي: الرجز العذاب قال الله تعالى: * (لئن كشفت عنا الرجز) * (الأعراف: 134) أي العذاب ثم سمي كيد الشيطان رجزا لأنه سبب للعذاب، وسميت الأصنام رجزا لهذا المعنى أيضا، فعلى هذا القول تكون الآية دالة على وجوب الاحتراز عن كل المعاصي، ثم على هذا القول احتمالان أحدهما: أن قوله: * (والرجز فاهجر) * يعني كل ما يؤدي إلى الرجز فاهجره، والتقدير وذا الزجر فاهجر أي ذا العذاب فيكون المضاف محذوفا والثاني: أنه سمي إلى ما يؤدي إلى العذاب عذابا تسمية للشيء، باسم ما يجاوره ويتصل به القول الثاني: أن الرجز اسم للقبيح المستقذر وهو معنى الرجس، فقوله: * (والرجز فاهجر) * كلام جامع في مكارم الأخلاق كأنه قيل له: اهجر الجفاء والسفه وكل شيء قبيح، ولا تتخلق بأخلاق هؤلاء المشركين المستعملين للرجز، وهذا يشاكل تأويل من فسر قوله: * (وثيابك فطهر) * (المدثر: 4) على تحسين الخلق وتطهير النفس عن المعاصي والقبائح.
المسألة الثانية: احتج من جوز المعاصي على الأنبياء بهذه الآية، قال لولا أنه كان مشتغلا بها وإلا لما زجر عنها بقوله: * (والرجز فاهجر) * والجواب المراد منه الأمر بالمداومة على ذلك الهجران، كما أن المسلم إذا قال: اهدنا فليس معناه أنا لسنا على الهداية فاهدنا، بل المراد ثبتنا على هذه الهداية، فكذا ههنا.
المسألة الثالثة: قرأ عاصم في رواية حفص والرجز بضم الراء في هذه السورة وفي سائر القرآن بكسر الراء، وقرأ الباقون وعاصم في رواية أبي بكر بالكسر وقرأ يعقوب بالضم، ثم قال الفراء: هما لغتان والمعنى واحد، وفي كتاب الخليل الرجز بضم الراء عبادة الأوثان وبكسر الراء العذاب، ووسواس الشيطان أيضا رجز، وقال أبو عبيدة: أفشى اللغتين وأكثرهما الكسر.
* (ولا تمنن تستكثر) *.
فيه مسائل:
المسألة الأولى: القراءة المشهورة تستكثر برفع الراء وفيه ثلاثة أوجه أحدها: أن