ثلاث عرضات، فأما عرضتان فاعتذار واحتجاج وتوبيخ، وأما الثالثة ففيها تنثر الكتب فيأخذ السعيد كتابه بيمينه والهالك كتابه بشماله ".
ثم قال: * (لا تخفى منكم خافية) * وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: في الآية وجهان الأول: تقرير الآية: تعرضون لا يخفى أمركم فإنه عالم بكل شيء، ولا يخفى عليه منكم خافية، ونظيره قوله: * (لا يخفى على الله منهم شيء) * فيكون الغرض منه المبالغة في التهديد، يعني تعرضون على من لا يخفى عليه شيء أصلا الوجه الثاني: المراد لا يخفى يوم القيامة ما كان مخفيا منكم في الدنيا، فإنه تظهر أحوال المؤمنين فيتكامل بذلك سرورهم، وتظهر أحوال أهل العذاب فيظهر بذلك حزنهم وفضيحتهم، وهو المراد من قوله: * (يوم تبلى السرائر، فما له من قوة ولا ناصر) * وفي هذا أعظم الزجر والوعيد وهو خوف الفضيحة.
المسألة الثانية: قراءة العامة * (لا تخفى) * بالتاء المنقطة من فوقها، واختار أبو عبيدة الياء وهي قراءة حمزة، والكسائي قال: لأن الياء تجوز للذكر والأنثى والتاء لا تجوز إلا للأنثى، وههنا يجوز إسناد الفعل إلى المذكر وهو أن يكون المراد بالخافية شيء ذو خفاء.
وأيضا فقد وقع الفصل ههنا بين الاسم والفعل بقوله: منكم.
واعلم أنه تعالى لما ذكر ما ينتهي هذا العرض إليه قال:
* (فأما من أوتى كتابه بيمينه فيقول هآؤم اقرؤا كتابيه) *.
وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: هاء صوت يصوت به، فيفهم منه معنى خذ كأف وحس، وقال أبو القاسم الزجاجي وفيه لغات وأجودها ما حكاه سيبويه عن العرب فقال: ومما يؤمر به من المبنيات قولهم: هاء يا فتى، ومعناه تناول ويفتحون الهمزة ويجعلون فتحها علم المذكر كما قالوا: هاك يا فتى، فتجعل فتحة الكاف علامة المذكر ويقال للإثنين: هاؤما، وللجمع هاؤموا وهاؤم والميم في هذا الموضع كالميم في أنتما وأنتم وهذه الضمة التي تولدت في همزة هاؤم إنما هي ضمة ميم الجمع لأن الأصل فيه هاؤموا وأنتموا فاشبعوا الضمة وحكموا للإثنين بحكم الجمع لأن الاثنين عندهم في حكم الجمع في كثير من الأحكام.
المسألة الثانية: إذا اجتمع عاملان على معمول واحد، فإعمال الأقرب جائز بالاتفاق وإعمال الأبعد هل يجوز أم لا؟ ذهب الكوفيون إلى جوازه والبصريون منعوه، واحتج البصريون على قولهم: بهذه الآية، لأن قوله: * (هاؤم) * ناصب، وقوله: * (اقرؤا) * ناصب أيضا، فلو كان