سورة المعارج أربعون وأربع آيات بسم الله الرحمن الرحيم * (سأل سآئل بعذاب واقع * للكافرين ليس له دافع * من الله ذي المعارج) *.
اعلم أن قوله تعالى: * (سأل) * فيه قراءتان منهم من قرأه بالهمزة، ومنهم من قرأه بغير همزة، أما الأولون وهم الجمهور فهذه القراءة تحتمل وجوها من التفسير: الأول: أن النضر بن الحرث لما قال: * (اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم) * (الأنفال: 32) فأنزل الله تعالى هذه الآية ومعنى قوله: * (سأل سائل) * أي دعا داع بعذاب واقع من قولك دعا بكذا إذا استدعاه وطلبه، ومنه قوله تعالى: * (يدعون فيها بكل فاكهة آمنين) * (الدخان: 55) قال ابن الأنباري: وعلى هذا القول تقدير الباء الإسقاط، وتأويل الآية: سأل سائل عذابا واقعا، فأكد بالباء كقوله تعالى: * (وهزي إليك بجذع النخلة) * (مريم: 25) وقال صاحب الكشاف لما كان * (سأل) * معناه ههنا دعا لا جرم عدى تعديته كأنه قال دعا داع بعذاب من الله الثاني: قال الحسن وقتادة لما بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم وخوف المشركين بالعذاب قال المشركون: بعضهم لبعض سلوا محمدا لمن هذا العذاب وبمن يقع فأخبره الله عنه بقوله: * (سأل سائل بعذاب واقع) * قال ابن الأنباري: والتأويل على هذا القول: (سأل سائل) عن عذاب والباء بمعنى عن، كقوله: فإن تسألوني بالنساء فإنني * بصير بأدواء النساء طبيب وقال تعالى: * (فاسأل به خبيرا) * (الفرقان: 59) وقال صاحب " الكشاف ": * (سأل) * على هذا الوجه في تقدير عنى واهتم كأنه قيل: اهتم مهتم بعذاب واقع الثالث: قال بعضهم: هذا السائل هو رسول الله استعجل بعذاب الكافرين، فبين الله أن هذا العذاب واقع بهم، فلا دافع له قالوا: والذي يدل على صحة هذا التأويل قوله تعالى في آخر الآية: * (فاصبر صبرا جميلا) * (المعارج: 5) وهذا يدل على أن ذلك السائل هو الذي أمره بالصبر الجميل، أما القراءة الثانية وهي (سال) بغير همز فلها وجهان: أحدهما: أنه أراد * (سأل) * بالهمزة فخفف وقلب قال: