كل جماعة اعتزوها إلى أمر واحد، واعلم أن هذا من المنقوص الذي جاز جمعه بالواو والنون عوضا من المحذوف وأصلها عزوة، والكلام في هذه كالكلام في * (عضين) * (الحجر: 91) وقد تقدم، وقيل: كان المستهزئون خمسة أرهط.
ثم قال: * (أيطمع كل امرىء منهم أن يدخل جنة نعيم) *.
والنعيم ضد البؤس، والمعنى أيطمع كل رجل منهم أن يدخل جنتي كما يدخلها المسلمون.
* (كلا إنا خلقناهم مما يعلمون) *.
ثم قال: * (كلا) * وهو ردع لهم عن ذلك الطمع الفاسد.
ثم قال: * (إنا خلقناهم مما يعلمون) * وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: الغرض من هذا الاستدلال على صحة البعث، كأنه قال: لما قدرت على أن أخلقكم من النطفة، وجب أن أكون قادرا على بعثكم.
المسألة الثانية: ذكروا في تعلق هذه الآية بما قبلها وجوها أحدها: أنه لما احتج على صحة البعث دل على أنهم كانوا منكرين للبعث، فكأنه قيل لهم كلا إنكم منكرون للبعث، فمن أين تطمعون في دخول الجنة وثانيها: أن المستهزئين كانوا يستحقرون المؤمنين، فقال تعالى: هؤلاء المستهزئون مخلوقون مما خلقوا، فكيف يليق بهم هذا الاحتقار وثالثها: أنهم مخلوقون من هذه الأشياء المستقذرة، فلو لم يتصفوا بالإيمان والمعرفة، فكيف يليق بالحكيم إدخالهم الجنة.
ثم قال:
* (فلا أقسم برب المشارق والمغارب إنا لقادرون * على أن نبدل خيرا منهم وما نحن بمسبوقين * فذرهم يخوضوا ويلعبوا حتى يلاقوا يومهم الذى يوعدون) *.
يعني مشرق كل يوم من السنة ومغربه أو مشرق كل كوكب ومغربه، أو المراد بالمشرق ظهور دعوة كل نبي وبالمغرب موته أو المراد أنواع الهدايات والخذلانات * (إنا لقادرون على أن نبدل خيرا منهم وما نحن بمسبوقين) * وهو مفسر في قوله: * (وما نحن بمسبوقين على أن نبدل أمثالكم) * وقوله: * (فذرهم يخوضوا) * مفسر في آخر سورة والطور، واختلفوا في أن ما وصف الله نفسه بالقدرة عليه من ذلك هل خرج إلى الفعل أم لا؟ فقال بعضهم: بدل الله بهم الأنصار والمهاجرين