مما يقوله عبدة الأوثان وثانيها: قال مقاتل: هو أن يقول: الله أكبر، روى أنه " لما نزلت هذه الآية قام النبي صلى الله عليه وسلم وقال: الله أكبر كبيرا، فكبرت خديجة وفرحت، وعلمت أنه أوحى إليه " وثالثها: المراد منه التكبير في الصلوات، فإن قيل: هذه السورة نزلت في أول البعث وما كانت الصلاة واجبة في ذلك الوقت؟ قلنا: لا يبعد أنه كانت له عليه السلام صلوات تطوعية، فأمر أن يكبر ربه فيها ورابعها: يحتمل عندي أن يكون المراد أنه لما قيل له: * (قم فأنذر) * قيل بعد ذلك: * (وربك فكبر) * عن اللغو والعبث.
واعلم أنه ما أمرك بهذا الإنذار إلا لحكمة بالغة، ومهمات عظيمة، لا يجوز لك الإخلال بها، فقوله: * (وربك) * كالتأكيد في تقرير قوله: * (قم فأنذر) * وخامسها: عندي فيه وجه آخر وهو أنه لما أمره بالإنذار، فكأن سائلا سأل وقال: بماذا ينذر؟ فقال: أن يكبر ربه عن الشركاء والأضداد والأنداد ومشابهة الممكنات والمحدثات، ونظير قوله في سورة النحل: * (أن أنذروا أنه لا إله إلا أنا فاتقون) * (النحل: 2) وهذا تنبيه على أن الدعوة إلى معرفة الله ومعرفة تنزيهه مقدمة على سائر أنواع الدعوات.
المسألة الثانية: الفاء في قوله: * (فكبر) * ذكروا فيه وجوها أحدها: قال أبو الفتح الموصلي: يقال: زيدا فاضرب، وعمرا فاشكر، وتقديره زيدا اضرب وعمرا اشكر، فعنده أن الفاء زائدة وثانيها: قال الزجاج: دخلت الفاء لإفادة معنى الجزائية، والمعنى: قم فكبر ربك وكذلك ما بعده على هذا التأويل وثالثها: قال صاحب " الكشاف ": الفاء لإفادة معنى الشرط، والتقدير: وأي شيء كان فلا تدع تكبيره.
* (وثيابك فطهر) *.
اعلم أن تفسير هذه الآية يقع على أربعة أوجه أحدها: أن يترك لفظ الثياب والتطهير على ظاهره والثاني: أن يترك لفظ الثياب على حقيقته، ويحمل لفظ التطهير على مجازه الثالث: أن يحمل لفظ الثياب على مجازه، ويترك لفظ التطهير على حقيقته والرابع: أن يحمل اللفظان على المجاز أما الاحتمال الأول: وهو أن يترك لفظ الثياب، ولفظ التطهير على حقيقته، فهو أن نقول: المراد منه أنه عليه الصلاة والسلام، أمر بتطهير ثيابه من الأنجاس والأقذار، وعلى هذا التقدير يظهر في الآية ثلاثة احتمالات أحدها: قال الشافعي: المقصود منه الإعلام بأن الصلاة لا تجوز إلا في ثياب طاهرة من الأنجاس وثانيها: قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: كان المشركون ما كانوا يصونون ثيابهم عن النجاسات، فأمره الله تعالى بأن يصون ثيابه عن النجاسات وثالثها: روي أنهم ألقوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم سلى شاة، فشق عليه ورجع إلى