لفيفا) * (الإسراء: 104) وفي الساق قولان: القول الأول: أنه الأمر الشديد، قال أهل المعاني: لأن الإنسان إذا دهمته شدة شمر لها عن ساقه، فقيل للأمر الشديد: ساق، وتقول العرب: قامت الحرب على ساق، أي اشتدت، قال الجعدي: أخو الحرب إن عضت به الحرب عضها * وإن شمرت عن ساقها الحرب شمرا ثم قال: والمراد بقوله: * (التفت الساق بالساق) * أي التفت شدة مفارقة الدنيا ولذاتها وشدة الذهاب، أو التفت شدة ترك الأهل، وترك الولد، وترك المال، وترك الجاه، وشدة شماتة الأعداء، وغم الأولياء، وبالجملة فالشدائد هناك كثيرة، كشدة الذهاب إلى الآخرة والقدوم على الله، أو التفت شدة ترك الأحباب والأولياء، وشدة الذهاب إلى دار الغربة والقول الثاني: أن المراد من الساق هذا العضو المخصوص، ثم ذكروا على هذا القول وجوها أحدها: قال الشعبي وقتادة: هما ساقاه عند الموت أما رأيته في النزع كيف يضرب بإحدى رجليه على الأخرى والثاني: قال الحسن وسعيد بن المسيب: هما ساقاه إذا التفتا في الكفن والثالث: أنه إذا مات يبست ساقاه، والتصقت إحداهما بالأخرى.
ثم قال تعالى:
* (إلى ربك يومئذ المساق) *.
المساق مصدر من ساق يسوق، كالمقال من قال يقول، ثم فيه وجهان أحدهما: أن يكون المراد أن المسوق إليه هو الرب والثاني: أن يكون المراد أن السائق في ذلك اليوم هو الرب، أي سوق هؤلاء مفوض إليه.
* (فلا صدق ولا صلى * ولكن كذب وتولى * ثم ذهب إلى أهله يتمطى) *.
وفيه مسائل:
المسألة الأولى: أنه تعالى شرح كيفية عمله فيما يتعلق بأصول الدين وبفروعه، وفيما يتعلق بدنياه. أما ما يتعلق بأصول الدين فهو أنه ما صدق بالدين، ولكنه كذب به، وأما ما يتعلق بفروع الدين، فهو أنه ما صلى ولكنه تولى وأعرض، وأما ما يتعلق بدنياه، فهو أنه ذهب إلى أهله يتمطى، ويتبختر، ويختال في مشيته، واعلم أن الآية دالة على أن الكافر يستحق الذم والعقاب بترك الصلاة كما يستحقهما بترك الإيمان.
المسألة الثانية: قوله: * (فلا صدق) * حكاية عمن؟ فيه قولان: الأول: أنه كناية عن الإنسان في قوله: * (أيحسب الإنسان ألن نجمع عظامه) * (القيامة: 3) ألا ترى إلى قوله: * (أيحسب الإنسان أن يترك سدى) * (القيامة: 36) وهو معطوف على قوله: * (يسأل أيان يوم القيامة) * (القيامة: 6) والقول الثاني: أن الآية نزلت في أبي جهل.