* (فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله) * (الجمعة: 10) يدل على الاحتياج فكيف هو؟ نقول: لا يدل على الاحتياج، لأن قوله: * (فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله) * للإباحة كما مر والإباحة مما ينافي الاحتياج إلى الكسب لما أن الاحتياج مناف للتخيير.
ثم قال تعالى:
* (واللائى يئسن من المحيض من نسآئكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللاتي لم يحضن وأولات الاحمال أجلهن أن يضعن حملهن ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا * ذلك أمر الله أنزله إليكم ومن يتق الله يكفر عنه سيئاته ويعظم له أجرا) *.
قوله: * (واللائي يئسن من المحيض) * الآية، ذكر الله تعالى في سورة البقرة عدة ذوات الأقراء والمتوفى عنها زوجها وذكر عدة سائر النسوة اللائي لم يذكرن هناك في هذه السورة، وروي أن معاذ بن جبل قال: يا رسول الله قد عرفنا عدة التي تحيض، فما عدة التي لم تحض فنزل: * (واللائي يئسن من المحيض) * وقوله: * (إن ارتبتم) * أي إن أشكل عليكم حكمهن في عدة التي لا تحيض، فهذا حكمهن، وقيل: إن ارتبتم في دم البالغات مبلغ الإياس وقد قدروه بستين سنة وبخمس وخمسين أهو دم حيض أو استحاضة * (فعدتهن ثلاثة أشهر) * فلما نزل قوله تعالى: * (فعدتهن ثلاثة أشهر) * قام رجل فقال: يا رسول الله فما عدة الصغيرة التي لم تحض؟ فنزل: * (واللائي لم يحضن) * أي هي بمنزلة الكبيرة التي قد يئست عدتها ثلاثة أشهر، فقام آخر وقال، وما عدة الحوامل يا رسول الله؟ فنزل: * (وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن) * معناه أجلهن في انقطاع ما بينهن وبين الأزواج وضع الحمل، وهذا عام في كل حامل، وكان علي عليه السلام يعتبر أبعد الأجلين، ويقول: * (واللذين يتوفون منكم) * (البقرة: 234) لا يجوز أن يدخل في قوله: * (وأولات الأحمال) * وذلك لأن أولات الأحمال إنما هو في عدة الطلاق، وهي لا تنقض عدة الوفاة إذا كانت بالحيض، وعند ابن عباس عدة الحامل المتوفى عنها زوجها أبعد الأجلين. وأما ابن مسعود فقال: يجوز أن يكون قوله: * (وأولات الأحمال) * مبتدأ خطاب ليس بمعطوف على قوله تعالى: * (واللائي يئسن) * ولما كان مبتدأ يتناول العدد كلها، ومما يدل عليه خبر سبيعة بنت الحرث أنها وضعت حملها بعد وفاة زوجها بخمسة عشر يوما، فأمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تتزوج، فدل على إباحة النكاح