وقد مر تفسيره في سورة المؤمنين.
وسادسها قوله:
* (والذين هم بشهاداتهم قائمون) *.
قرىء بشهادتهم وبشهاداتهم، قال الواحدي: والإفراد أولى لأنه مصدر فيفرد كما تفرد المصادر وإن أضيف لجمع كقوله لصوت الحمير. ومن جمع ذهب إلى اختلاف الشهادات، وكثرت ضروبها فحسن الجمع من جهة الاختلاف، وأكثر المفسرين قالوا: يعني الشهادات عند الحكام يقومون بها بالحق، ولا يكتمونها وهذه الشهادات من جملة الأمانات إلا أنه تعالى خصها من بينها إبانة لفضلها لأن في إقامتها إحياء الحقوق وفي تركها إبطالها وتضييعها، وروى عطاء عن ابن عباس قال: يريد الشهادة بأن الله واحد لا شريك له.
وثامنها قوله:
* (والذين هم على صلاتهم يحافظون) *.
وقد تقدم تفسيره.
ثم وعد هؤلاء وقال:
* (أولئك فى جنات مكرمون) *.
ثم ذكر بعده ما يتعلق بالكفار فقال:
* (فمال الذين كفروا قبلك مهطعين) *.
المهطع المسرع وقيل: الماد عنقه، وأنشدوا فيه: بمكة أهلها ولقد أراهم * بمكة مهطعين إلى السماع والوجهان متقاربان، روى أن المشركين كانوا يحتفون حول النبي صلى الله عليه وسلم حلقا حلقا وفرقا فرقا يستمعون ويستهزئون بكلامه، ويقولون: إذا دخل هؤلاء الجنة كما يقول محمد: فلندخلنها قبلهم، فنزلت هذه الآية فقوله: * (مهطعين) * أي مسرعين نحوك ما دين أعناقهم إليك مقبلين بأبصارهم عليك، وقال أبو مسلم: ظاهر الآية يدل على أنهم هم المنافقون، فهم الذين كانوا عنده وإسراعهم المذكور هو الإسراع في الكفر كقوله: * (لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر) *.
ثم قال:
* (عن اليمين وعن الشمال عزين) *.
وذلك لأنهم كانوا عن يمينه وعن شماله مجتمعين، ومعنى: * (عزين) * جماعات في تفرقة واحدها عزة، وهي العصبة من الناس، قال الأزهري: وأصلها من قولهم: عزا فلان نفسه إلى بني فلان يعزوها عزوا إذا انتهى إليهم، والاسم العزوة وكان العزة