وأبى الذي ترك الملوك وجمعهم * بصهاب هامدة كأمس الدابر القول الثاني: قال أبو عبيدة وابن قتيبة: دبر أي جاء بعد النهار، يقال: دبرني أي جاء خلفي ودبر الليل أي جاء بعد النهار، قال قطرب: فعلى هذا معنى إذا دبر إذا أقبل بعد مضي النهار.
قوله تعالى * (والصبح إذآ أسفر) *.
أي أضاء، وفي الحديث: " أسفروا بالفجر " ومنه قوله: * (وجوه يومئذ مسفرة) * (عبس: 38) أي مضيئة.
ثم قال تعالى:
* (إنها لإحدى الكبر) *.
وفيه مسائل:
المسألة الأولى: هذا الكلام هو جواب القسم أو تعليل لكلام والقسم معترض للتوكيد.
المسألة الثانية: قال الواحدي: ألف إحدى مقطوع ولا تذهب في الوصل.
وروي عن ابن كثير أنه قرأ إنها لإحدى الكبر بحذف الهمزة كما يقال: ويلمه، وليس هذا الحذف بقياس والقياس التخفيف وهو أن يجعل بين بين.
المسألة الثالثة: قال صاحب " الكشاف ": الكبر جمع الكبرى جعلت ألف التأنيث كتاء التأنيث فكما جمعت فعلة على فعل جمعت فعلى عليها ونظير ذلك السوافي جمع السافياء وهو التراب الذي سفته الريح، والقواصع في جميع القاصعاء كأنهما جمع فاعلة.
المسألة الرابعة: * (إنها لإحدى الكبرى) * يعني أن سقر التي جرى ذكرها لإحدى الكبر والمراد من الكبر دركات جهنم، وهي سبعة: جهنم، ولظى، والحطمة، والسعير، وسقر، والجحيم والهاوية، أعاذنا الله منها.
* (نذيرا للبشر) *.
نذيرا تمييز من إحدى على معنى أنها لإحدى الدواهي إنذارا كما تقول هي إحدى النساء عفافا، وقيل: هو حال، وفي قراءة أبي نذير بالرفع خبر أو بحذف المبتدأ.
ثم قال تعالى:
* (لمن شآء منكم أن يتقدم أو يتأخر) *.
وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: في تفسير الآية وجهان الأول: أن * (يتقدم) * في موضع الرفع بالابتداء ولمن شاء خبر مقدم عليه كقولك: لمن توضأ أن يصلي، ومعناه التقدم والتأخر مطلقان لمن شاءهما منكم، والمراد بالتقدم والتأخر السبق إلى الخير والتخلف عنه، وهو في معنى قوله: * (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) * (الكهف: 29) الثاني: لمن شاء بدل من قوله للبشر، والتقدير: إنها نذير لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر، نظيره * (ولله على الناس حج البيت من استطاع) * (آل عمران: 97).
المسألة الثانية: المعتزلة احتجوا بهذه الآية على كون العبد متمكنا من الفعل غير مجبور